عندما أقرأ لشربل داغر تتسيد اللغة بشكل قاطع. فلشربل داغر قدرة خارقة على بناء لغة تشكل المعنى بعمق شديد، يمكن أن يحسسك بذاته. فكما لو أنك تراها، ولكن إذا اجتزت حاجز اللغة فقط.
نعم، عندما أقرأ لشربل داغر فكما لو أنني أشاهد ذلك الرياضي الذي يقفز بالزنة. فأنت دائما في شوق: هل سيستطيع القفز دون أن يسقط ذلك العمود الموضوع فوق ركيزتين متوازيتين؟
وكلما تشدد شربل في إثقان بناء اللغة صعب على القارئ القفز دون إسقاط العمود لينزل بسلام فوق ذلك الفراش الذي يمنع عظامه من التكسر إذا ارتطم بالأرض. ثم واجهني نوع آخر من الكتابة حيث تتحول اللغة إلى بؤرة : جاء في "لسان العرب" : بَأَرْتُ أَبْأَرُ بَأْرًا حفرت بؤرة يطبخ فيها. والبؤرة موقد النار. ومنه البئر مكان تجتمع فيه المياه. وكلها معاني تدل على الجمع والحصر. نعم. هي بؤرة لغوية تشبه نوعا من السرد اللغوي الذي يتغلغل في ذات الشاعر ليدخل بالقارئ إلى فضاء شاسع من الأحاسيس العميقة التي استطاع الكاتب أن يشكلها في خلوة سحيقة بذاته ، في رحم صمت عميق و خلوة سحيقة بالنفس.
عندما أقرأ لشربل داغر دائما يجب أن أجتاز حاجز اللغة. فشربل داغر عالم تركيب لغوي مكون من أنفس المعادن الإصطلاحية اللغوية الداغرية.
فعلا نحن أمام هرم لغوي مدهش لا يمكن أن يستنكهه إلا قراء من طراز يشبه معدن شربل داغر.
(صفحة الفيس بوك، 3-11-2025).