سؤال المحاضرة
تنطلق المحاضرة من "رسالة" معروفة لأبي حيان التوحيدي (923 م.– 1023 م.)، "في علم الكتابة"، ولكنها غير مدروسة كفاية في علاقاتها مع فن الخط العربي.
تُراهن المحاضرة (بالمعنى العلمي) على أن في "الرسالة" ما يفيد في استثارة السؤال الأساس فيها : هل الخط العربي فن أم حرفة؟ وهو سؤال لا تكتفي المحاضرة بطرحه في سياق المجتمعات الإسلامية القديمة، وإنما تتناوله وفق الأسس النظرية (الفنية والجمالية) التي يرى بها الفن الحديث إلى إنتاجاته الحديثة المختلفة. وهو السؤال الأساس المطروح على "نصاب" الخط العربي في كتب الفن (الغربية خصوصًا) : أين يُوضع الخط العربي فيها؟ كيف تُعيِّن هذه الكتب "فنيتَه"، و"جماليته"، وعلاقاتِه مع غيره من الفنون؟ ويسري السؤال نفسه على متاحف الفن في العالم : أين يصنف الخط العربي في"تقسيمات" المتاحف والمجموعات؟ هل هو فن عالمي أم خصوصي؟ كيف تُحدد العالمية والخصوصية بالتالي؟
(أبو حيان التوحيدي : "ثلاث رسائل لأبي حيان التوحيدي"، عنى بتحقيقها ونشرها : د. إبراهيم الكيلاني، المعهد الفرنسي بدمشق للدراسات العربية، دمشق، 1951).

يفيد الكلام، بدايةً، في صاحب هذه الرسالة، أي أبي حيان التوحيدي (310-414 هجريًّا، 922-1023 ميلاديّا)، الذي عايشَ وعرفَ وخالطَ وزراء وعلماء وفلاسفة ونحويين وغيرهم في القرن الهجري الرابع (ما لا حاجة لاستعادته، هنا)، حتى قيل فيه إنه "أديب العلماء وعالِم الأدباء". أي أنه جمع مصادر متنوعة ومتعددة من المعارف السابقة عليه، والسارية في زمنه. جمعَها، ونقلَها، أو صاغها بلغةٍ وبلاغةٍ قلما عرفها النثر العربي منذ ابن المقفع؛ عدا أن تآليفه ترشح أحيانًا بنبرة صوته الشاكية من قسوة زمنها (هو الذي عُرف عنه إحراقُه لكتبه).  والعائد إلى رسالته هذه يمكن أن يطالع فيها معارفه الواسعة، واختياراته فيها، وتذوقه المرهف للبدائع في عصره.

في صحبة التوحيدي
عدتُ إليه لأنه المورِّق، أي محرِّر المخطوطات في المقام الأول؛ وهو، بالتالي، عرف الكتابة مثلما عرف الخط. هو، في هذا، أشبه بشهرزاد (كما أسميتُه في احد كتبي). إذ جمعَ وصاغ، في كتبه ورسائله، ما سمعه، ما خطَّه، من غيره، طالبًا من ذلك أن يَحمي نفسه بالتالي (كما كتب) من الفقر المدقع الذي كان يتهدده.
إلا أن التوحيدي كان أقرب، قبل هذا كله، إلى الجاحظ، إذ جمع معارف عصره وحفظها، واجتهدَ في تفسيرها والبناء التأليفي عليها. ومن يتوقف عند الرسالة، التي بين أيدينا، يتحقق من كونه حفظ وشهد بنفسه واطلع على ما كان ينقله، عدا أنه يؤلف ابتداء من عمله، من تفكيره في المسائل التي يتناولها في هذه الرسالة.
اللافت في أمر هذه الرسالة، هو أن دارسِي الفن قلما عادوا إليها، سواء من دارسين غربيين أو عرب. يرد ذكرُها أحيانًا، فيما ينصرف هؤلاء، في غالب الأحيان، إلى كتاب متأخر بالمقارنة مع رسالة التوحيدي، وهو كتاب المقريزي : "الخطط المقريزية" (1364-1442 م.). أنصرفُ إلى هذه الرسالة، بل جعلتُها مستندَ كلامي لغير سبب وسبب : قِدَمُها الزمني، من جهة، والمواد المشتملة عليها، من جهة ثانية.
لا أبتغي، من "الرسالة"، التعامل معها بوصفها مستندًا تاريخيًّا مدققًا عن الخط العربي. فكثير من الأقوال المنسوبة إلى هذا الخليفة، أو الصحابي، أو الخطاط، تبدو أحيانًا غير مأمونة، مستعادة، مصاغة من جديد، ما يطول فيه الحديث، ويتعدى غرض محاضرتي اليوم.
إلا أن في إمكاننا التأكد من غيرها، في "الرسالة"، بالمقابل، مثل حديث التوحيدي عن عدد من الخطوط المعروفة، وعن أنواعها وصفاتها. ويبدو كلامه مفيدًا لجهة التعرف إلى الخطوط المتبعة في العراق أكثر من غيرها، فيما تبدو معارفه عن الخط المغربي وغيره ناقصة، على ما يَظهر. مع ذلك، في إمكان المحاضر أن يلاحظ ارتباط الخط، أو ظهوره الفني، في العهود الإسلامية، ابتداء من مكوِّنين : الدين، والدولة، أي فن المصحف، من جهة، والفن التدويني والبلاغي المرتبط بـ"الدواوين"، من جهة ثانية. ويَرِدُ، في الرسالة، غيرُ قول مفيد، ولا سيما لخلفاء أو لخطاطين معروفين، في مكانة الدولة من مكانة الخط، مثل قول المأمون : "يُطَرِّز (القلم) أطرافَ الدولة، ويُقيم أعلام الخلافة"؛  أو : "لولا الكُتّاب لما استقر التدبير، ولا استقامت الأمور".
لهذا يمكن القول إن استنادي إلى هذه "الرسالة" يتعيَّن خصوصًا في ما يكتبُه التوحيدي بنفسه؛ وهو بينٌ فيها، ويمتاز بأمانة تركيبه وجماله ودقته. فهو ينقل كلام غيره، كما يورد كلامًا من دون نسبة، وهو العائد إليه بشكل عام. هكذا تأتي نقولُه وخياراته دالةً، هي الأخرى، عمّا يراه في مسائل الخط وغيرها. وما استوقفني خصوصًا، في كلامه، يتعلق بما أسميه "فنية" الخط العربي و"جماليته"، أي ما يعكس طريقة نظر التوحيدي إليه، أي تذوقه لصنائعه البديعة.


في صحبة إيمانويل كَنْط
وجدتُ مناسبًا، قبل التوقف في الرسالة المذكورة، استعراضَ "منظور" الفن الحديث، ولو بكلمات قليلة؛ بكلماتٍ تفيد في كيفية قراءة "الرسالة" وفق منظور هذا الفن. هذا ما يجعلني أتوقف عند مسميات الخط العربي في المتاحف الغربية، وفي الكتب الموازية لها. ولو اكتفيتُ بمتحف اللوفر الفرنسي، بمجاميعه، وبكتبه التعريفية والتاريخية، لوجدتُ أن الخط يتعين، في قاعات خاصة، في نطاق الفن الإسلامي. وهو ما يتأكد في كثير من منشورات المتحف الشهير... هذه القسمة تصدر عن منظور، مع أنه يتعدل بين عهد وآخر (ما سبق أن درستُه، ولا حاجة، هنا، إلى استعادته)، ولكن من دون أن يبدل وضعه الخصوصي في الفن الإسلامي، بوصفه الفن الجامع.
ما يمكن الخلوص إليه، هو أن الخط يبقى مصنفًا، معروضًا، في سياق النظر التاريخي إليه، من دون أن يرقى إلى قسمة أو تمييز "فن" بعينه، مثل الفنون الأوروبية منذ "عصر النهضة". فنانون وأساليب ومدارس فنية أوروبية مختلفة تستقل بنفسها، تصبح رأسًا في الفن، ما يجعلها العلامة والأفق.
الخط العربي (أو غيره من "فنون" حضارات ومجتمعات أخرى) لا يخرج من التاريخ إلثقافي، المحلي، الخصوصي (في نظر النخب الأوروبية إليه)، ولا يصبح علامة عالمية، بل أحد عناوين "الفن" العريضة. بل تكشف مراجعةٌ كهذه عمَّا هو أشد من هذا، وهو أن الخط العربي، والفن الإسلامي عمومًا، لا يرقيان إلى مكانة "الفن"، وإنما هما ينتسبان إلى "الفنون التطبيقية" (arts appliqués)، في لغة التصنيف الفرنسية (في منشورات المتحف الشهير)، وتتعين إنتاجاتُها وفق تسمية : "الشيء الفني" ((objet d'art.
لو شاء المحاضر، بالمقابل، تتبع هذه المراجعة، بالعودة إلى نظريات الفن الحديث، لوجد أن الأمور غير ميسرة بدورها. فالنظريات تتخالف في تعيين "الحديث" في الفن، وفي تعيين الفترة الزمنية التي تجلَّى فيها "الفن الحديث". ولقد وجدتُ مناسبًا التوقف عند مدونة الفيلسوف الألماني : إيمانويل كَنط (Emmanuel Kant)، (1724-1804)، بعد أن وجدتُ أن تفكيره في مسائل الجمال والجميل يشكل لحظة مفصلية في التاريخ النظري في الفن؛ وهي لحظة تشير إلى ما سبقَه وإلى ما عمل على استجلائه. وإذا كانت كتاباته توازت مع تبلور "نظرية الفنون الجميلة" (قبل "نظرية "الفنون التشكيلية"، ثم "الفنون البصرية")، في القرن الثامن عشر، ففي كتابه، "نقد مَلَكة الحُكم" (ويمكن ترجمتُه أيضًا بـ"نقد مَلَكة التذوق")، يتحقق المحاضر من أن كَنط لا يزال يجمع، في النظر إلى الجميل والجمال، بين الجميل الطبيعي، والجميل المصنوع : يجمع بين ثمرة البحر، على سبيل المثال، وبين اللوحة... كما يمكن التحقق من أن نظرَه الفلسفي يبقى قريبًا من المعاينة، فلا ينصرف إلى تجريدات فلسفية محضة. ولو شئتُ الفحص المزيد لما يقترحُه، ابتداء من تفكيرٍ لا ينفصل عن المعرفة المقرَّبة بإنتاج الفنون المختلفة، لأمكن التنبه إلى أنه "يفصل" و"يقسم" بين الفنون، طامعًا في الاقتراب من واقعها المادي ومِمّا تعنيه في التمثلات الجمالية.
كَنْط، حسب دارسين كثيرين، هو الذي أطلق تعبير "الفنون التشكيلية"، بما فيها "الفنون التشكيلية الصغيرة"، ذات المقاسات الصغيرة، في الفخَّار والعاج والبرونز وغيرها، فضلًا عن : النحت، والعمارة، والتصوير، أي الفنون "ذات الشكل البصري الجامد". هذا ما يترافق عنده مع فنون التعبير عن أفكار في كلمات، أي ما يشتمل على البلاغة والشعر.
ما قال به كَنْط كان يتيح ربطَ منظور الفن الكلاسيكي الأوروبي بمنظور جديد. هذا ما يجمع –لو شئتُ الاختصار– بين البلاغة (أو الإجادة في القول) وبين الشكل المادي الجميل. ربطَ، إذًا، بين إنتاج القول وبين الإنتاج المادي، فيما سيعمد فلاسفة لاحقون عليه، على فصل الجميل الطبيعي عن الجميل المصنوع، وجميلِ القول عن جميل الشكل المادي. وما كان يتوزع عند كَنْط في ثلاث "مجموعات" في إنتاج الجميل، سيصبح عند اللاحقِين سلمًا قيميًا للفن، ما يجعل بعضها عاليًا، وغيرها متدنيًا. هذا ما يدعوني إلى التساؤل : أما كان في إمكان كَنْط –خاصة إذا قرأ "رسالة" التوحيدي– أن يصنف أعمال الخط العربي ضمن مجموعة "الفنون التشكيلية الصغيرة"؟ أما كان سينتبه إلى أنها تتشكل بدورها (أي تتخذ شكلًا) في مواد مثل الفخّار والعاج والبرونز وغيرها؟ وهي أسئلة تناسب أيضًا، في طرحها، ما بلورتْه نقاشات وطروحات أوروبية قبل كَنْط وبعده، في ما يتصل بـ"الشكل" (والحجم) بوصفه محددِّا للفن، أو يتصل بإنتاج "أثر أو مشروع مادي"، أو بغيرها من المحدِّدات القريبة أكثر من الإنتاج الفني منها إلى التفكير الفلسفي المجرد.
غير أن ما يستوقف خصوصًا، أو عملَ كَنْط على توليده الفلسفي، فيتعيَّن في ما صاغه عن كون العمل الجميل يُعَبِّر عن أفكار جمالية، ما يبعد العمل عن الحرفة المحضة. وهو ما ترافق أيضًا مع بلورة مفهوم نظري آخر، يقوم على "لاغائية الجميل"، أي أن غاية الجميل ليست في خارجه، بل فيه، ما يجعله لا "يخدم" ولا "يترجم غيره"، بل يستقل بنفسه : في جمالية متعينة في بنائها.
غير أن ما أبعدَه كَنْط في النظر الفلسفي إلى الفن، أيًّا كان، هو أنه أسقط خصوصًا مفهوم "المحاكاة" (mimesis)، الذي انبنى عليه الفن منذ الإغريق؛ أي تلك العلاقة الواجبة بين "عالم المثل" (الماوراء) وبين "عالم النسخ المتدهورة" (الوجود)، أو بين الفن والطبيعة، وغيرها من الثنائيات. وهو ما بنى عليه الفكر الفلسفي والتطبيقي الأوروبي، منذ عهد الكلاسيكية، أساسه النظري والعملي في آن. فالعمل الفني ينطلق من الرسم، حتى في التصوير؛ وهذا ما اشترط (في تقاليد التصوير العملية) رسم "الموديل"، العاري وغيره. أي اشترط النقل والتقليد على أن في الخارج (الطبيعي أو الإنساني) الصورة الصحيحة والتامة. هذا ما جعل التصوير يحتاج إلى هيئة آدمية، لكي يُحسِن تصوير الماثل أمام أنظاره، بل حتى إلى كائنات أسطورية أو دينية قديمة، على سبيل مثال. وهو ما جعل فن التشريح –تشريج الجسم، سواء الذكوري أو الأنثوي– أساس المعاينة وأساس التصوير.
لنعد إلى التوحيدي، و"رسالته"، طارحين السؤال : هل يمكن النظر إليها وفق منظور الفن الحديث؟


بين الكتابة والخط والتحسين
لن أتوقف، في هذه المحاضرة، عند جوانب مختلفة في "الرسالة"، وسأقوم بتعدادها :
يشير بعض الكلام فيها عن تاريخ –ولو جزئي أو مقتضب– للخط العربي، مثل تعداد "أنواع" الخطوط وغيرها. هذا ما يقترب من 12 خطًا، وهي : الإسماعيلي، والمكي، والمدني، والأندلسي، والشامي، والعراقي، والعباسي، والبغدادي، والمشعب، والريحاني، والمجرد، والمصري. كما يضيف، في التعريف بها، أن منها "ما هو مستعمل قديمًا"، ومنها "قريبة الحدوث". إلا أن ما يمكن ملاحظته، في هذا التعداد، هو أنه قد يشير إلى معرفة التوحيدي لأعداد من الخطوط، في زمنه، فيما نعلم أن أنواع الخطوط عديدة، أكثر من المذكورة؛ وهي خطوط سابقة عليه، ومزامنة له، ما لا يفيد تمامًا في تأكيد جوانب من تاريخ الخط. غير أن ما يجب التشديد عليه، في هذه النقطة بالذات، هو أن ما يذكره من خطوط (وما يذكره غيره، قبله وبعده، في هذا المجال) يَعني الخطوط "الرسمية"، أي المقرَّة والمتبعة في إقليم، أو مصر، في العهود الإسلامية. وهو ما يَظهر في نسبة الخط إلى مدينة بعينها، من المكي والمدني إلى البغدادي والأندلسي وغيرها. وهي معلومات وتعريفات محدودة ومقتضبة، بالتالي، لا تفي تمامًا في رسم تاريخ للخط العربي...
إلا أن في "الرسالة" ما يكشف عن أمر لافت عند التوحيدي (وغيره أيضًا)، وهو وجوب التمييز بين الخط بوصفه كتابة (أو "القلم")، وبين الخط بوصفه عملًا ماديًا له قواعد وتمتاز بالتجويد والتمايز في القيام بها، وفي تمثلها. فلو جرى التوقف عند بعض الخطوط المذكورة في "الرسالة"، لأمكن التنبه إلى أن بعضها غير منسوب إلى مدينة، مثل : "المشعب"، و"الريحاني"، و"المجرد" وغيرها.
هذا التمييز لازمٌ بين صنفَي الخط : بين ما هو قريب من خط متبع (مثلما يحدث للهجة متبعة بدورها، في منطقة بعينها)، وبين ما يميل في بنائه إلى صفات صنعية محسَّنَة، مطلوبة، ومتبلورة. وقد يكون الكلام عن ثنائية : الخط والبلاغة مفيدًا في إنارة هذه النقطة. فقد قيل عن الفضل بن يحيى : "حُسن الخط إحدى البلاغتَين"، ما يشير إلى أكثر من علاقة ثنائية بينهما، إذ يتحدثُ عن الطبيعة التكوينية، من جهة، وعن طبيعة الرفع الفني، سواء للبلاغة (الأدبية) أو للبلاغة (الخطية)، من جهة ثانية. فمن المعروف أن الثقافة العربية القديمة شهدت، في عهودها الإسلامية المتعاقبة، رفعًا للكلام من "عاديه" إلى "بليغه"، ما يشير إلى تجويدٍ، وهو ما حصل للكتابة، إذ ارتفعت بدورها، وفق ذات المثال "التجويدي"، لبلوغ الخط.
كما أجد من اللازم التنبه أيضًا إلى "صنعة" الخطاط، وإلى ما يذكره التوحيدي (بعد غيره)، عن كيفية "إعداد" أدوات الكتابة (لجهة قطِّ القلم وبَرْيِه وغيرها)؛ وهو ما يّرِدُ في بداية "الرسالة". هذا الأمر معروف لدى المورقين مثل الخطاطين، على أنه يتوجب التمييز، في هذه النقطة بالذات، بين "صنعة" المورِّق وصنعة الخطاط : الأول "يستعمل" أداته، وربما يُحسِّنها، فيما يعمل الثاني –أي الخطاط– على بلورة عمله، بالأدوات عينها أو غيرها، ما يجعله مختلفًا عن التنفيذ أو التطبيق العملي لحِرَفية الخط.
أضعُ جانبًا، إذًا، هاتين النقطتين (تاريخ الخط، وإعداد الصَنْعة)، لكنني أتبين خصوصًا لزوم التمييز بين فعل الكتابة وفعل الخط، مع أن هذا التمييز لا يبدو بهذا الجلاء في "رسالة" التوحيدي، بل هو ضمني فيها، ويتوجب العمل على استخلاصه منها.
هذا التمييز لا يعدو كونه لازمًا، لا من باب التفريق والدقة وحسب، وإنما من باب التوقف عند الطبيعة التكوينية (إذا جاز القول) لكل من الكتابة والخط. فهما متلازمان ومتخالفان، في الوقت عينه. ففي الكتابة بعضُ الخط، وفي الخط بعضُ الكتابة. هذا يشير إلى أن هذا يصدر عن ذاك (أي الخط عن الكتابة)، وإن يختلف عنه. بل تبلغ تسمية هذه العلاقة حدود الكلام عن : تحسين، وتجويد، وتحلية وغيرها من الألفاظ والصفات التي ترد في "رسالة" التوحيدي (وغيرها). فما يتجلَّى في الخط، لا يعدو كونه –وفق هذه النظرة– تحسينًا لِما هو في الكتابة، وتجميلا وتحلية وتجويدًا لها.
تلازمٌ وافتراقٌ، إذًا، ما يَتعيَّن في أكثر من عملٍ يليق به صفة : "الحَسَن" (أو "الجميل"). فما يُطلَق على الكلام ("حُسن الكلام"، وإجادتُه وغيرها)، يصحُّ كذلك في الصوت (بين تجويده وغيرها)؛ ويصحُّ كذلك في أعمال مختلفة، من "تحسين" الرياض، إلى "وشي" الثياب، و"تذهيب" الكتاب، وصوغ المجوهرات وغيرها من الأعمال في صناعات قديمة متعددة، تشمل عملَ البنَّائين والصاغة والنقاشين والمزخرفين والمصورين وغيرهم.
هذا ما يجد صيغته العربية الأولى في : الشعر، إذ هو موصول حكمًا باللغة –لغة البشر المختلفين– لكنه يتعالى عنها، ويتسامى، ما يقرب من استحضار الجن، في الاعتقادات الجاهلية، ومن "سحر" البيان، وفق العبارة المأثورة. والدارس يستطيع –لو طلبَ– أن يتوقف عند أعمال مختلفة، تقوم على الرفع من أداء، من مادة، من صنيع، بما يجعله سمةَ تميزٍ واختلافٍ، وبما يفرز "مكانات" بين المجموع وبين أفراد منه، وبين أعمال البشر وأعمال مميزة عند فئات بعينها منهم.
إلا أن هذا التمييز الأولي –وهو معروف قبل العهود الإسلامية– يبقى محدودًا، وبسيطًا، لا يعدو كونه "تحسينًا" وحسب، أي الرفع من مكانة صنيع على آخر : كأن يكون الخاتم من ذهب بدل أن يكون من فضة، على سبيل المثال؛ وكأن يكون الصوت مجوَّدًا بدل أن يكون تلقائيًّا وحسب. واللافت، منذ الجاهلية، أن الشاعر -الذي كان يمثل أعلى العناية الحسنة باللغة، وبالكلام– لا ينسب إلى نفسه القصيدة العصماء، بل كان ينسبها إلى غيره وحسب. وهو ما لا يصحُّ، من دون شك، في عملِ كُتابٍ وصنّاعٍ ومصورِين وغيرهم، لاحقِين... إذ بات الصنيع يتعيَّن في عمل هذا المصور، أو الخطاط، أو البنّاء وغيرهم، ممن باتوا يحتاجون إلى بلورة قواعد تخصهم وتميزُهم، ما يجعل هذه الصناعات الإنسانية ترقى عن فعل التجويد والتحسين، من دون شك. فما تكون؟

"الشكل الأـحسن"
لقد وجدتُ من المناسب التوقف، بدايةً، عند كون الخط عملًا في الشكل –الشكل الحسن (أو الجميل). وأكون –في هذا– أُخضعُ الخطَّ لامتحانٍ (إذا جاز القول) وفق منظور الفن الحديث، كما سبق القول. فما يمكن استخلاصه من كلام التوحيدي؟
يمكن التنبه -من دون مجهود تحليلي فائق أو عسير– إلى أن التوحيدي يشير إلى شكل الكلمة والجملة من عدة جوانب :
يتوقف التوحيدي (في جانب من كلامه) عند قسمة الحروف إلى "مجموعات" منتقاة وفق القربى بين أشكالها، ويخلص إلى المجموعات التالية :
- الحاء والخاء والجيم؛
- الواو والفاء والقاف؛
- الهاء والعين والغين؛
- النون والياء؛
- والصاد والضاد والكاف والطاء والظاء.
وهي قسمة تستند إلى معاينة شكلية لأشكال الحروف العربية، لقرب بعضها من بعض، لا لجهة الصوت أو التركيب، وإنما لجهة الشكل المحض. وهو ما يَظهر في أعمال الخطاطين، حيث إنهم يتخذون من القربى الشكلية، ومن النقاط، مواد لإقامة الشكل وإبانته.
كما يتوقف التوحيدي (في جانب آخر) عند علاقات التواصل والانقطاع بين الحروف في الكلمة الواحدة، بما تتيحه من إمكانات، مبنية، هي الأخرى، على ممكنات الحروف العربية في التصاق حروفها بعضها ببعض، أو في حاجتها إلى الانفصال في ما بينها.
هذا ما يتوقف التوحيدي عنده بما يفيد في إبانة الحروف في أشكال ظهورها المختلفة، بين : "مفصلها وموصولها"، و"بمدّاتها وقصراتها"، و"تفريجاتها وتعويجاتها". وهي عملياتٌ تعالج شكل العمل الخطي، في ما يتصل وينفصل، في ما يمتد أو يقصر من امتداداتِ حروفه، وبِما يدلُّ كذلك على الفتحات التي تتجلى في قسم من الحروف. وهي معالجات لا تعبأ بصوت الحرف، أو اشتراكه في بناء أو معنى، بل تعتني بما يوفره الحرف (الحروف) من إمكانات قابلة لأن تكون محلَّ معالجةٍ في أشكالها : في شكل الحرف، أو في أشكال تتابعه. وهو ما يَظهر في علاقات ممكنة، بل مطلوبة، بين توالي الحروف في سطر، وفي عاليها وأسفلها، كما يحددها التوحيدي : "حفظ الاستقامة، في السطور من أوائلها وأواسطها واواخرها وأسافلها وأعاليها بما يفيدها وفاقًا لا خلافًا".
قد يكون لفظ : "الشكل"، من أقوى الألفاظ الدالة في "رسالة" التوحيدي، حيث إنه يرقى إلى ما يسميه : "الشكل الأحسن"، حسب قوله. وهذا "الحُسن"، المطلوب في الخط، يستند، حسب التوحيدي، إلى أساسين : التناسب والتساوي، ما يعني توزع الخط (والكتل الخطية) في فضاء، وفق مقاساته وممكناته، ومنها ما يوافق في ما بينها، وما يتوازى بينها؛ أي أننا أمام حسابات وقياسات وتدبيرات يتوزع الخط وفقها. هذا يشير –من طرف خفي– إلى بناء الخط، ليس وفق تدبيرات القلم في المساحة، بل في هندسةِ ظهورِ الشكل فيه. فالورقة مساحة ذات أسطر (من دون أن تكون مخططة بالضرورة)، وتَقبل توظيفات أدوات الهندسة وتشكلاتها في الرسم، أي غير القلم، مثل البركار والمسطرة وغيرها. هذا ما يَمثل في الامتداد الأفقي، أو الارتفاع العلوي، أو في تشكلات دائرية ونَجْمية وغيرها، ما كان يَظهر، بشكل خاص، في تراكيب الخط والزخرفة. وما وجب التنبيه إليه، هو أن الخط يحتمل "التفنن" و"الاجتهاد" في صنعه، مع أنه ينطلق من خطوط بعينها، ذات قواعد بدئية، إذا جاز القول، إذ يشدد التوحيدي على أن أرباب الخط "تفننوا بحسب اجتهادهم".
لهذا وجب الحديث عن أن الخط يجمع بين شرطين، وهما الجمع بين النظامية والتفنن، وبين "بيان" الخط و"حُسنه".

"الخط صورة"
هكذا يتحدث التوحيدي عن : "الحروف الشكلية"، بل يكتب ما هو غير متوقع ربما : "الخط صورة"، أو "صورة ضئيلة"، فضلًا عن أنه يربط بين الرسم والخط ("رسم الخط"). كما يجعل زينةَ الخط شكلَه : "أما وشيُه (الخط) فشكلُه". بل يتناول –في ملاحظة نادرة– علاقة الخط باللون، بين سواده وبياضه، إذ يتحدث عن "مُشاكلة بياضه (الخط) لسواده بالتقدير" : التقدير، أي ما يرتئيه الخطاط ويستحسنه، ويحدد مقاديره.
مثل هذه المعالجة التي يخصُّ بها التوحيدي الخط غير مسبوقة في التآليف القديمة، وبهذا الجلاء : بين الخط، من جهة، وبين الشكل والرسم والصورة، من جهة ثانية.
هذا الربط، الذي يقيمه، لم يكن غريبًا عمّا كان يشاهده بنفسه، ويعاينه، ويتفحصه من دون شك. وهو ما ينتبه المحاضر إلى بعض أوصافه في عدد من كتب الجاحظ و"رسائله" (ما لا حاجة لاستعادته، هنا)... فالدارس –أي دارس– يمكن أن يتحقق من وجودِ تباينٍ، بل هوةٍ، بين ما يراه من أعمال الفن الإسلامي (المتبقية) وبين ما كُتب عنها في التآليف القديمة. فالعمائر والقصور وتخطيط المدن وأعمال الخط والتصوير والنقش والزينة والزخرفة وغيرها الكثير، لا يجد الدارس عنها سوى كلام قليل ومتفرق، ما يشير –على الأرجح– ليس إلى "منع الإسلام التصوير" (كما يسارع البعض إلى التفسير)، وإنما إلى انصراف الكتاب والمؤلفين والفلاسفة والعلماء إلى اهتمامات أخرى، متمثلة في : الدين، والفقه، والشعر، والنحو، والبلاغة، وعلم الكلام، والفلسفة وغيرها. فيما لا تُعنى التآليف القديمة عناية كافية بكل ما هو إنتاج مادي يبعث على الدهشة، وينبني وفق حسابات ومعالجات ذات تطلعات وتطلبات "فنية" و"جمالية" (كما يقال اليوم).
لهذا تبدو "رسالة" التوحيدي مفاجئة وغنية، ولو اقتصرتْ على ألفاظ وتراكيب وجُمل معدودة في نهاية الأمر، إلا أن ما تورده، وما هو دقيق في معانيها، وما ترمي إلى وصفه و"نعته"، يتعين في نظرٍ يقترب من بناء تصورات وتجليات لما هو "الفن"، ولما هي "الجمالية".
إنه نظرٌ مخصوص، يبلورُ لغته المفهومية، إذا جاز القول، من دون معونة الفلاسفة أنفسهم (وإن كان التوحيدي قد صاحبَهم)، ولا كُتاب النقد والبلاغة (لو وضعناه، هو، جانبًا). ففي كلام الجاحظ، على سبيل المثال، نجد تلاقيًا وتشاركًا بين صناعات متباعدة، مثل : الحياكة، وتصميم الروض، وبناء القصيدة، ووشي الثوب، وجمال الأصباغ وغيرها؛ وهي تتلاقى بما يُحدد "تلاقيات جمالية" من دون شك. ولعل التشابه، أو التقابل، بين عمل الخطاط وعمل الموسيقار، في "الرسالة"، من أبلغ الكلام في مجال تحديد "جمالية" الخط : "لكأنما اشتُق هذا الوصف من الموسيقار، لأنه يزن الحركات المختلفة في الموسيقى. فتارةً يخلط الثقيلة بالخفيفة، وتارة يجرِّد الخفيفة من الثقيلة، وتارةً يرفع إحداهما على صاحبتها بزيادةِ نقرةٍ، أو نقصانِ نقرةٍ".
إلا أن ما يتكفل به التوحيدي أبعد من ذلك، إذ يعاين بطريقة مقرَّبة (إذا جاز القول) القطعة الخطية، دارسًا طرق بنائها المخصوصة، بشكل تفصيلي في بعض جوانبه. وهو يدرس –بشكل مفاجئ أكثر– ما تُحدثه هذه الأعمال وتعمل عليها في تلقي الناظر إليها. فالتوحيدي انتبهَ إلى ما تَعمل القطعة الخطية على توليده، على استثارته، في نفس الناظر إليها : "حتى تراها كأنها تبتسم عن ثغور مفلجة، أو تضحك عن رياض مذبحة"؛ أو : "بما يضيف إليها بهجة ورونقًا وشدورًا"...
هذا ما يَتجلى في كثير من صفات الخطوط، مثل هذه (المذكورة في "الرسالة") : "المجرَّد" – "المحلَّى" – "المجمَّل" – "المزيَّن" – "المحسَّن" – "المُجاد" وغيرها؛ وهي كلها تلتقي في الرفع من الخط بما يروق للعين، ويحلو لها في ناظرها.

الفن بين الثقافي والخصوصي
لا يسع المحاضر، وهو يستعِدُّ لإنهاء محاضرته، غير الانتباه، من جهة، والتشديد، من جهة ثانية، على ما رمتْ إليه هذه القراءة، وهو الوقوف عند "فنية" الخط العربي و"جماليته". ولقد أبان العرض أعلاه مدى تلاقي كلام التوحيدي مع عدد من المفاهيم الناظمة لمنظور الفن الحديث، ابتداء من الفيلسوف إيمانويل كَنْط. وإذا كنتُ قد اخترتُ التوقف عند الفيلسوف الألماني، فلسببٍ أساس (سبق أن بلورتُه في أحد كتبي)، وهو أن كَنْط مَثَّلَ "الإمكان" الفلسفي المحض، والجمالي المخصوص، لرؤية تحليلية مناسبة للخط العربي (وغيره في الفن الإسلامي)، في تاريخ عالمي للشكل والصورة والجمال. ذلك أن النظر الفلسفي والجمالي الأوروبي (على الرغم من حديث هيغل عن "قصيدة محمدية" في كتابه عن "الجمالية") أبعدَ تجلياتِ الفنون في العهود الإسلامية المختلفة، مع أنه سعى –على مستوى الملكية– إلى الفوز بها، وحفظها، وعرضها بالطبع.
من يتوقف عند الخطاب الفلسفي والجمالي عمومًا لِما يُسمى "مدونة الحداثة" (الأوروبية في المقام الأول)، سيتحقق من كونها تبني نفسها بنفسها، على أنها مالكةُ القيمة ومحددتُها. فالحديث عن "حداثة" الفنون ينبني بالوصل والفصل مع الثقافة الكلاسيكية الأوروبية؛ وهذه الثقافة تنبني على تمثلِ ومحاكاةِ وتجديدِ الفن الإغريقي-الروماني. ومن يتوقف عند مدونة الفن "المعاصر"، أو فنِّ "ما بعد الحداثة"، يتحقق من أنها تنبني بالوصل والفصل عن هذه الثقافة "الحديثة" المذكورة... هذا فيما تبقى فنونُ غيرِها من الحضارات والمجتمعات والثقافات متروكةً، أو يُنظر إليها بوصفها "دونية"، أو "تطبيقية"، وغيرها من الصفات التبخيسية لها. هكذا تتناسل الفنون الأوروبية، ثم الغربية، من بعضها البعض (مع تأثرات من خارجها)، من دون أن تتساءل، على سبيل المثال، عن القربى أو التباعد بين الخط العربي تحديدًا والفن التجريدي : من المعروف أن "الفن الحديث" (بين النصف الثاني من القرن التاسع عشر وبدايات النصف الثاني من القرن العشرين) تعيَّن خصوصًا في مدارس وأساليب حادت عن "المحاكاة" تمامًا، وباتت تنظر إلى الشكل، إلى اللون، بوصفها "قيمًا" مستقلة، قائمة بنفسها، ومحدِثَة للأثر الجمالي. هذا مدعاة لطرح السؤال – اللازم، والحالة هذه : كيف يحدث أن الخطاب عن الفن لم يُعنَ بقراءة "تجريدية" للخط العربي؟
لا أقول، من ناحيتي، إن هذين الفنَّين (الخطي والتجريدي) متطابقان. فالخط (كما يقول التوحيدي) يقوم على "الصحة" و"الحلاوة"، أي أن حلاوته تتلاقى وتنبني على صحته، فيما ينحو الفن التجريدي صوب استحداث جمالية متأتية من "لعبة الشكل" و/أو "لعبة اللون"، أي ما تُحدثُه في العين من انفعالات واستحسانات تقوم على اكتفاء الشكل كما اللون بنفسَيهما، من دون أي إحالات سابقة لهما.
إلا أن هذا التمييز الذي أُجريه -ويُمكن التوسع فيه بالطبع- يؤدي بي إلى استنتاج أساس، وهو أن للشعوب والثقافات والمجتمعات "خيارات" و"أفضليات" في تجاربها وأعمالها، ولها استحسانات واستقباحات في ما ترتئيه وتُحبذه وتُثمنه وتُعلي من شأنه في حسابها الاعتباري والقيمي والاعتقادي.
لهذا يمكن الحديث عن "حداثة" الفن الأوروبي، ثم الغربي، مثلما تحدثَ عنها الفيلسوف الفرنسي جان-ماري شافر، في ختام كتابه (الذي راجع فيه الخطاب الأوربي لحداثة الفن)، "فن العصر الحديث : الجمالية وفلسفة الفن من القرن الثامن عشر حتى أيامنا هذه" (1992)، وهو أنه لا يعدو كونه "تاريخًا محليًا"، لا عالميًّا للفن، والحديث، والحداثة.  
فالفن، والتفكر فيه، يتعيَّنان حكمًا، خاصة في القرون السابقة، في تواريخ ثقافية، وفق محددات وتطلبات ترى فيها "أحسنَ" ما تُثَمِّنُه في ذائقتها ومعارفها. وهو ما يصحُّ في غير الخط العربي، مثل عدد من تقاليد الخط الآسيوية (الصينية، اليابانية...)، التي لها فلسفاتُها، وطُرقُ عملِها وقيمها واعتبارها واعتقاداتها، في سياق التاريخ والتجربة والخطاب : يعتبر اليابانيون (حتى أيامنا هذه) حفلَ الشاي المنزلي تعبيرًا أعلى عن تذوقهم للفن، وهو ما يصحُّ في أعمال غيرها عندهم وعند غيرهم. فكيف للدارس أن ينظر إليها؟ هل يكتفي بالنظر إليها في سياقها المحلي والخصوصي أم يُدرجها في سياق أشمل؟ وكيف لهذا السياق الأشمل –"العالمي"، حسب البعض– أن يدرس تقاليد الفن المختلفة، وأن يتدبر منظورًا لها؟
(محاضرة عن بعد، بدعوة من "مجلس خولة الثقافي"، أبو ظبي، 24-2-2022).