الدارس المغربي المرموق محمد الولي تناولَ درسَ هذه القصيدة وفق منظور "البلاغة الجديدة"؛ ووجد انها تنبني وفق : الاستعارة، والتوازي.
فبنية القصيدة تقوم وفق علاقات الاستعارة بين الأنثى والقصيدة، على أن هذه "تستعير" صفات الأنثى.
هذا ما أسميه : الاستعارة المقلوبة" (ثقافيا وشعريا)، فلا يستعير الشاعرُ الوجودَ، والطبيعةَ للحديث عن الأنثى (كما في كثير من الشعر العربي)، بل يقلبُها ويستعيرُها للحديث عن : القصيدة.
فضلا عن أن الأنثى، والقصيدة، تلتقيان في استعارة مشخصنة في الشاعرة الأندلسية : الولادة بنت المستكفي (التي تحيل قصيدتي إلى قولها الشهير).
كما يتوقف الولي، في بناء القصيدة، عند التوازي فيها، أي أشكال التركيب في الهيكل الشعري، فيتحقق من انه بناء دوري.
إلا أن لقيا هذا التحليل تتعين، في نظري، في وقوف الدارس الولي عند البناء الحجاحي في القصيدة، فيجد أن الوصف فيها هو مقوم الحجاج فيها، وليس الأدوات الإقناعية المعروفة عموما.
الشاعر، مثلي، عندما يقرأ تحليلا بهذه الدقة والعمق والصحة، يفرح مرتَين : له ولقصيدته.
يفرح لنفسه، لأنه، إذ يرتمي في ضباب قصيدته (عند مباشرتها، في غمارها، قبل الانتهاء منها)، يستهدف بقدر ما يستثمر ما يتمكن منه، ولا يدركه بتمامه.
يَفرح الشاعر، عندنا يتحقق الدارس مما طلبَه الشاعر واستهدفَه، في لقاءِ تواطوءٍ فني جميل بينهما...
إلا أن الشاعر، مثلي، يفرح فرحا اخر، لقصيدته، عندما يتحقق من أن الدارس توصل إلى "كشوفات" في تحليل قصيدته، في ما هو خفي فيها...
وهو ما حصل لي مع قراءة الأستاذ محمد الولي الباهرة لقصيدتي.