المفاجأة في كتاب الخمليشي هي انه اشتمل على تلحين قصيدتي المذكورة، فضلا عن دراسة تحليلية لها وفق نظر الموسيقار والدارس المغربي أحمد عيدون.
لا يسعني الحديث عن اللحن، وهو منشور بنوطته الموسيقية في الكتاب (الصورة المرفقة). إلا أنه يُظهر (لي على الأقل) ان هذا المبدع توصل إلى ما لم يتوصل إليه احد الملحنين (على مسامعي)، وهو صعوبة تلحين قصيدة غير عروضية أو تفعيلية.
إلا أن المدهش، في تحليله القصيدة، هو انه وجد فيها نظاما موسيقيا، بل تفعيليا احيانا، ما لا يجده دارسو القصيدة بالنثر عادة، في نوع من الإنكار المسبق، او من ضعف العدة النقدية.
وجد عيدون، في القصيدة المدروسة، ان الايقاع "الغالب" فيها "له عشر وحدات زمنية قصيرة، توافق التبادل بين تفعيلتَين مزدوجتَين (فعولن ومقلوبها من نفس الدائرة فاعلن)، وحين تتكرر كل واحدة منهما، تفضي إلى احتساب الوحدات العشر في العنوان واللازمة".
كما يتحقق عيدون من وجود "ترنيم" في "توزيع اصوات الحروف"، إذ "أعطى الشاعر الغلبة لأربعة حروف، ثلاثة منها تتوفر على رنين : اللام 18، والميم 15، والنون 12، والرابعة هي التاء 25، واهم حروف العلة الألف 32".
بل يستقصي عيدون رصد النسق الموسيقي في هذه القصيدة، فيجده متعينا ايضا في نظام التنقيط والوقف.
 
 
(كتاب د. حورية الخمليشي : "تواشجات الشعري والفني في الشعر العربي الحديث : شربل داغر نموذجا" -منشورات ضفاف، دار الامان، منشورات الاختلاف، 480 صفحة من القطع الكبير).