اللغة بديلاً عن الوجود، والخط بوصفه رسماً

أتناول، بداية، مسألة بحثية تطاول إجمالي درس الفن الإسلامي، ومنه الخط العربي. وهذا ما يتعين في ثلاث وقفات بحثية، ألخصها كما يلي:

1 : إعادة النظر : تقوم على نقد تكوين المتن والخطاب الغربيين عن الفنون القديمة، الإسلامية وغيرها، على أنه البداية اللازمة لكل هذه الخطة البحثية.

2 : توسعة النظر : درس الفن والخطاب القديمين ضمن إطارهما الاجتماعي والفلسفي المخصوص، من دون قصره على الجانب التقني وحسب، مثلما يصيب درس الخط العربي خصوصاً.

3 : قلب النظر : درس الفن والخطاب القديمين بما يتعدى نطاقاتهما وتعريفاتهما المتأخرة بلوغاً إلى ما كانه "الفن" أو الخطاب عنه قديماً، ما يقيم البحث في حدوده القديمة، لا الظاهرة وحسب، وإنما الخفية أيضاً.
***

ما أقوم به في هذه الورقة يندرج في المهمة الثالثة: قلب النظر. وأتناول لهذا الغرض مجموعة من الكتابات الصوفية على أنني سأرى إليها، في تكوينها ومبانيها ومقاصدها، وفق منظورات أجمعها في قول إجمالي: اللغة بديلاً عن الوجود، والخط رسماً للوجود وتحسيناً له، والتأليف كشفاً للجمال.
أبتعد، إذن، عن السبيل المكرس والمتبع لدرس الخط العربي، وهو السبيل الفني والتاريخي في درسه. فقد سبق لي، في غير كتاب ودراسة (1)، أن تناولت أو قمت بمساع مماثلة، ما لا حاجة لترداده. طلبت في هذه الورقة "قلب النظر"، إذن؛ وأريد من ذلك الإشارة، بداية، إلى أن المؤلفين القدامى (وما بلغنا من مؤلفاتهم) توسعوا في درس الجانبين الفني والتاريخي للخط العربي (2)، ما لا حاجة لاستعادته أو التفصيل فيه أو تفنيده.
أنطلق في هذه الورقة من مسعى آخر، وهو الانتباه إلى أن اللغة – العربية تحديداً - شكلت أساساً معرفياً للتفلسف، عند عدد من المؤلفين، ولا سيما المتصوفة منهم؛ وإلى أن الخط – العربي تحديداً – شكل أساساً لرسم الموجودات والكائنات. وهما توصلان يفتحان النقاش الواسع والمعقد – والمبتكر ربما – في المسألة الجمالية الإسلامية.

1 . مباني اللغة، مباني الوجود
هذا ما أسعى إليه، بداية، بالوقوف عند اللغة، قبل الخط؛ بالوقوف عند العربية اللازمة، سواء في اللغة أو في الخط، وفي ما يتعداهما خصوصاً. فنظرية المعرفة، نظرية الوجود، تنبني على معرفة اللغة – العربية تحديداً -، على أنها أقوال مرسلة، كما في التنزيل النبوي. وهذا ما يتعين في النشوء، قبل الطبيعة، في حركة التنفس بوصفها حركة التلفظ.
تعينت نشأة الوجود عبر حركة النفس الإلهي، كما يتم الكلام عبر التلفظ الإنساني، حسب ابن عربي: القول أساس الوجود، إذ أن أساس العقيدة هو القول المنزل. فالعلاقة بين الله والوجود ليست علاقة خلق وإبداع وحسب، وإنما هي حركة تنفس، وتحتاج إلى اللغة لفهمها وللتحقق من كيانات وجودها: "أول كلام شق أسماع الممكنات (أي: الموجودات في حالة ثبوتها داخل العلم الإلهي) كلمة: كن، فما ظهر العالم إلا عن صفة الكلام وهو توجه نفس الرحمن على عين من الأعيان ينفتح في ذلك النفس شخصية ذلك المقصود، فيعبر عن ذلك الكون بالكلام وعن المتكون فيه بالنفس" (3). وهو ما يوضحه أحد الدارسين، عن ابن عربي، في هذه الكلمات: "الموجودات هي كلمات الله، وهي الصورة العينية المحسوسة والمعقولة الموجودة" (4).
وهو ما يطاول حركات الحروف أساساً. ذلك أن حركات النفس أو الكلام الإنساني تنقسم، عند ابن عربي، إلى حركات بين: رفع وخفض ونصب، كذلك تنقسم مقاطع الكلام أو النفس العلوي إلى ثلاث حركات بين: علوي (وهو الغيب)، وسفلي (وهو عالم الشهادة)، ومتوسط (وهو البرزخ الذي يجمع بين العالمين). وكما أن النفس الإنساني – العربي واقعاً – يمتد عبر ثمانية وعشرين حرفاً، كذلك يمتد النفس الإلهي عبر ثمانية وعشرين مرتبة وجودية. هذا ما قاد ابن عربي إلى أن يخصص في "الفتوحات المكية" قسماً واسعاً للكلمات والحروف والحركات. ذلك أن للحروف قيمة أنطولوجية؛ وكل حرف يربط العارف بمنزلة من منازل العالم.

2 . الإشارة : ما دون اللغة
أوضح الكلام أعلاه لزوم العلاقة بين اللغة والوجود. وهو ما تعين في النشأة عبر التنفس، ما يجعل من القول، بل من التلفظ، أساس التكوين، انطلاقاً من العبارة القرآنية: "كن". كما يتضمن الكلام أعلاه بناء علاقة بين القول واللغة، من دون تمييز بين طبيعتيهما، إلا من جهة وظيفتيهما: اللغة عمومية فيما القول مخصوص (وهو ما يشبه التمييز الذي أجراه فردينان دو سوسور لاحقاً بين "الكلام" و"اللغة"). ولكن ما يستوقف المتصوف في هذه العلاقة هو الجانب "الإرسالي" في القول. على أن معالجة الصوفي للتخاطب، للتبليغ، تتعدى نطاق القول لتبلغ أنساقاً أخرى، منها التكالم أو التبالغ بغير نسق، ومنها بل أهمها – عند ابن عربي – الإشارة.
يقول ابن عربي: "كل إشارة تلوح في الفهم لا تسعها العبارة؛ اعلم أن أهل الله (أي: الصوفية) قد جعلوا الإشارة نداء على رأس البعد وبوحاً بعين العلة. ولكن في التقسيم في الإشارات يظهر فرقان: وذلك أن الإشارة التي هي نداء على رأس البعد فهو حمل ما لا تبلغه العبارة. كما أن الإشارة للذي لا يبلغه الصوت لبعد المسافة وهو ذو بصر، فيشار إليه بما يراد منه فيفهم. فهذا معنى قولهم نداء على رأس البعد. فكل ما لا تسعه عبارة من العلوم فهو بمنزلة من لم يبلغه الصوت، فهو بعيد عن المشير وليس ببعيد عما يراد منه، فإن الإشارة قد أفهمته ما يفهمه الكلام أو يبلغه الصوت. وقد علمنا أن المشير إذا كان الحق، فإنه بعيد عن الحد الذي يتميز به البعد: فهذا بعد حقيقي لا بد منه. ولا يكون الأمر إلا هكذا. فلا بد من الإشارة وهي اللطيفة: فإنه معنى لطيف لا يشعر به" (5).
كما يقول ابن عربي في موضع آخر من "الفتوحات": "الإشارات عبارات خفية وهو مذهب الصوفية" (6). هكذا يكون المتصوف لا يدرس وحسب أنساق التخاطب، وإنما يدرس أيضاً نسق الصوفية في التخاطب. وما يشير إليه المتصوف هو أن لغة الإشارة لا تصلح إلا مع القربى. وفي مثل هذه التوصلات إشارات ودلالات وخلفيات عديدة، على الرغم من بساطة القول في ظاهره.
فلغة الإشارة كان لها، في ترتيب منطقي لأنساق التخاطب، أن تكون في أدنى الأنساق، لا في أعلاها، ولا أن تكون، في كتابة ابن عربي، ذات قيمة عالية. وهو ما لا يتحقق إلا لأن الفعل العقيدي، الإسلامي، يتعين أساساً في القول التخاطبي، إذ العقيدة هي "أقوال منزلة". غير أن مثل هذا التأسيس المعرفي والفلسفي والتأويلي، على أساس تنزيلي، ينتقل، في التجربة الصوفية، إلى تخاطبية أخرى، هي التي تنشأ بين المتصوف و"المتكلم" في نصوصه (ما لي عودة إليه لاحقاً، ولا سيما عند النفري في "المواقف").
لهذا احتاجت فرق الصوفية إلى لغات أخرى، مثل الخط والدوائر والألوان، ولا سيما الأشكال الهندسية، ولغات الحركة والرقص والترانيم والموسيقى وغيرها. إلا أنها ليست لغات واقعاً، بل "شيفرات"، أي لغات اصطلاحية، وترقى بالتالي إلى لغة الكناية والرمز، لا إلى لغة التواصل الاجتماعي، ولا إلى لغة الاستعارة والتخييل.
وإعلاء قيمة الجانب "الإشاري" في الكلام يعزز ويعطي مثالاً آخر عن الجانب "القولي" لهذه المنظورات، إلا أنها تبقى "تخاطبية" بهذا المعنى (أي أسيرة ومحددة بأطراف التكالم), و"سياقية" كذلك (إذ تربط الكلام بسياقه بالضرورة)، فلا تبلغ لغة الإشارة مرتبة اللغة "العالية"، إذا جاز القول، ولأن تكون قابلة للتعلم (إلا في نطاقات المريدين وحدهم ومن دون غيرهم) والتعليم والتناقل، ما يحد من أثرها، وما يكشف عن "خشيتها" من السلطة (اللغوية والسياسية والبلاغية القائمة) فلا تتعرض لها وتتجنبها واقعاً.

3 . "نبوية" التأليف
تفيد التوصلات السابقة عن أن الخطاب الصوفي يتمثل في بنيته الكتابية الإرسال النبوي.
أتوقف، لهذا الغرض، وفي لحظة أولى، عند كتاب "المواقف" للنفري (7). كل "وقفة" في هذا الكتاب، بل كل مقطوعة كتابية فيه، تبدأ بجملة: "قال لي"؛ بل اللافت في كل مقطوعة أنها تحتاج في أكثر من جملة فيها إلى تكرار الجملة عينها: "قال لي"، ما يعطي إشارة أولى على أن الأساس التأليفي لهذا الكتاب قولي، لا كتابي. فكل مقطوعة أعداد من الأقوال، وليست قولاً متصلاً. بهذا المعنى ليست المقطوعة تدويناً كتابياً لقول أو أقوال، بل هي تجمع ما اجتمع في "لحظة" (أي في لحظات زمنية متصلة ومتقطعة)، أي في "التجربة" الصوفية نفسها. وفي ذلك تحاكي المقطوعة أو تنبني وفق الاجتماع القولي، المتفرق والمتصل، الموجود في عدد من سور القرآن.
يقول لسان الدين ابن الخطيب: "والصوفية يذكرون الله بأي نوع شاؤوا من الأذكار حتى تشعر نفوسهم بمدلول ذكرهم، وتنفعل لذلك انفعالاً شديداً تغيب به عن المحسوسات، فيحصل لها حظ من المشاهدة بحسب قوة الحال وضعفها. ويكون الإدراك لذلك ذوقياً لا علمياً نظرياً" (8).
أتوقف، في لحظة ثانية، عند ابن عربي، وأنقل عنه ما ذكره في ترجمة (سيرة) أحد المتصوفة، الكومي: كان إذا قعد بين يديه وبين يدي غيره من شيوخه "يرعد مثل الورقة في يوم الريح الشديد"، ويتغير نطقه، وتتخدر جوارحه حتى يعرف ذلك من حاله. وكانت بين ابن عربي والكومي علاقة روحية حميمة، لدرجة أن ابن عربي، إن تمناه، وهو في بيته، لمسألة تخطر له، كان يراه أمامه، فيسأله ويجيبه ثم ينصرف (9). ومن المعروف أن ابن عربي تعلم – على ما أفاد بنفسه – من المتصوف موسى بن عمران الميرتلي كيفية تلقي الإلهامات الإلهية، وأنه كان يقرر أموراً تبعاً لما يراه في المنام، مثلما فعل قبل ذهابه إلى الشرق، حيث أنه رأى لزوم ذلك في منامه قبل أن يقدم عليه (10). كما أخبرنا ابن عربي أنه كان يرى غير متصوف في منامه، مثل الحلاج وذي النون المصري والشبلي وغيرهم. وهو ما يجتمع عند القشيري، في "رسالته"، في التمييز بين: لوامع، وبوادر، وطوالع وخواطر وغيرها. وهي ألفاظ متباعدة تركيباً ولكن متقاربة دلالياً، إذ تشير إلى أفعال انبثاقية غير اعتيادية أو تلقائية، بل مفاجئة؛ وهي ألفاظ متقاربة مجازياً إذ هي كنايات أو استعارات (حسب وجهة التفسير) لفعل "التنزيل الرباني".

4 . الاحتياجات إلى الخط
يتمثل هذا المنظور القرآن في غير وجه من وجوه هذه المسألة. وهو ما سبق أن أبنته ودافعت عنه، في دراسات وكتب مختلفة، وهي أن القرآن، بتكوينه ومواده وهيئته ومبناه، يمثل أساس التمثل – وأياً كان، معرفة أو فلسفة أو فناً وغيرها -، في سلوك التأليف، وفي بنية التأليف بمتعلقاتها كلها (من مواد وهيئة وغيرها). هذا ما يمكن معاينته في الخط، على أنني ألاحظ وجود احتياجات مختلفة ومتداخلة له، ما يدخله في تاريخية متصلة ومتبدلة في آن. وهو ما يحتاج إلى التوقف.
للخط – العربي تحديداً - قيمة أنطولوجية، كما سبق القول، بل قيمة "كوسمولوجية"، حسب قول أحد الباحثين (11)، وهو ما سبق الوقوف عنده أعلاه. بهذا المعنى يقيم الخط وصلاً لعلاقة بين "اللوح المحفوظ" والوجود، بين الكلمات والكائنات، بين الخط (أو الفعل التدويني) والرسم (بوصفه تعيين المحسوسات والأشكال).
غير أنه كانت للخط احتياجات واستعمالات إسلامية مختلفة، وتمثلت في أنواع إقبال متعددة عليه عند النخب الحاكمة والنافذة، كما عند "صناع الكلام" أيضاً. وهو ما تعين في احتياج ديني، بل مظهري للدين، منذ العهد الإسلامي الأول، ما يمكن أن أشير إليه بالقول: احتاجت هذه النخب، على اختلاف مواقعها واحتياجاتها في الحكم والنفوذ، إلى أن يكون لأساس حكمها وسلطتها مصدر، أساس، مستقى طبعاً من القرآن. بل أكثر من ذلك، وهو أن يكون التباهي بكتاب هذه النخب، أي القرآن، وبإظهاره على الأشهاد، في العلن، مساوياً على الأقل لما كانت عليه الهيئات المظهرية (ومنها "الهيبة" الرسمية والرمزية) لغيرها من الجماعات، ولا سيما ل"أهل الكتاب"، ولكتبهم المعروفة بهيئاتها "الجميلة"، ولا سيما عند المسيحيين: للإسلام "كتابه"، أتى في "لسان مبين"، هو اللسان العربي، وله أن يظهر في هيئة تمييزية له عن التدوين، وتدرجه في السياق التداولي لما كان عليه، في ذلك العهد، الظهور الحسن للمثول اللفظي.
هذا ما اجتمع في لحظة إسلامية، تلت من دون شك لحظة "جمع القرآن" في كتاب، "بين دفتين"، حسبما قيل. وهو قرار سياسي قبل أن يكون ثقافياً أو صنعياً، واحتاجت إليه النخب الحاكمة والنافذة من دون شك في تثبيت سلطتها الناشئة، التي أخذت من القرآن شرعية لها. فكيف لا تجعل من القرآن – وإن لم يدعها الرسول إلى هذا الفعل، أي "الجمع" - دستور سلطتها! ذلك أن القرآن كان يمكن أن يعيش "حياة أخرى"، إذا جاز القول، بين المسلمين، كأن يبقى، على سبيل المثال، "أقوالاً منزلة" وحسب؛ أن يبقى أقوالاً متفرقة من دون أن تجتمع في سور، وأن تبقى مدونة في بعضها أو محفوظة "في الصدور" وحسب... وهذا ما وجب تناوله من ناحية القرآن "المظهرية" كذلك، التي ما دعا إليها أي نص صريح، وإنما احتاجتها – كما سبق القول – سياسات إسلامية ناشئة.
وهذا ما يمكن قوله في احتياجات إسلامية أخرى، تالية، تتعين في لحظة ما بعد "تعريب الدواوين" (12)، حيث باتت العربية، بعد أن شكلت أساس الدين، أساس السلطة وأساس التأليف والخط في آن. هذا ما ترويه، منذ هذه اللحظة، المعاني المتداخلة التي اشتمل عليها لفظ "الكاتب"، حيث عنى في الوقت عينه: ماسك دفاتر المالية (الخراج وغيره)، والمدون الرسمي، والكاتب المأذون، والوراق، والمترسل وغيرها. وهي وظائف مختلفة ومتداخلة، تشير إلى وظائف السلطة الناشئة، وإلى احتياجاتها، بما فيها الفنية والأسلوبية. هكذا وجب البحث عن "تفرع" الخطوط العربية الأولى في هذا النطاق السلطاني (كما يحلو لي تسميته)، في السياق المهني والتمثلي عينه الذي استدعى نشأة "الترسل الفني" (13).
غير أنه يتوجب البحث أيضاً عن لحظة ثالثة في هذا المسار (ابتداء، على سبيل التعيين لا الحصر، من العهد العباسي)، تمثلت في اتساع فنون الخط، في تفرع شجرته الوارفة، وفي استعمالاته في نطاقات وسياقات مختلفة، خارج النطاق الديني والسلطاني. وتتعين هذه اللحظة في بلوغ فنون الخط نطاقات وسياقات جديدة، غير السابقة، وذلك في النطاق العلني للمجتمع، عند فئاته المختلفة وفي أساليب وطرز عيشها ومقتنياتها: بات فن الخط في هذه اللحظة فناً إسلامياً، علنياً واجتماعياً بالضرورة. فلقد استفاد فن الخط، من جهة تقنياته وتوصلاته وصيغه، من الحاصل العلمي الإسلامي، في العلوم الموصولة بالرقم (مثل الحساب وغيره)، أو الموصولة بالمساحة (مثل الهندسة وغيرها). كما بلغ فن الخط، بل "نفذ" إلى سبل العيش والظهور كلها في حياة المجتمعات الإسلامية، إذ بات علامة "حسنة" على الزي، والآنية، والسيف، والجدار، والخاتم وغيرها الكثير (ما توضحه إنتاجات الفن الإسلامي المتنوعة في موادها وتقنياتها وأساليبها). بات الخط بالتالي قيمة أسلوبية في حد ذاتها، تجعل من ورود الخط أو من نزوله فوق الحوامل المختلفة دالاً حكماً على الحسن.
ولا يكتمل هذا المسار في احتياجات وتحسينات فن الخط وأساليبه من دون الوقوف عند لحظة رابعة، هي اللحظة الصوفية. هذا ما سبق الوقوف عنده، وفي قسم منه وحسب، في الكلام أعلاه عن العمق أو السند اللغوي والخطي لنظرية الوجود نفسها. وهو ما يحتاج إلى توسع مزيد، بل إلى تناول مزيد يطاول، على سبيل المثال، التجليات الصوفية، أو تطبيقاتها، في فن الخط وأساليبه. وهو ما يجتمع في حديث عن تأثرات خطية عديدة على فناني الخط، ولا سيما عندما من تمثلوا من الخطاطين في تجاربهم الخطية مثال "الإنسان الكامل".

5 . "تجريد التوحيد"
انبنى المنظور الصوفي أعلاه على علاقة بين القول واللغة، وهو ما يحتاج إلى تبين ومناقشة مزيدين. وهذا ما ألحظه وأعينه في مفارقة تأسيسية ذات مستويات مختلفة، بين الأصل والوجود، بين النفس والشكل، وبين الخط والرسم. فالقرآن معطى بدئي، لا يقبل ولا يحتاج إلى خارجه، ولا لأي فكر لأن يفسره. هو معطى يؤخذ به، ويبنى عليه طبعاً، غير أنه يحتاج – مع ذلك، وفي ما عمل عديدون على تفسيره - إلى غيره، بما يفسره: فكيف للغة الواصفة (métalangage ) – لو استعرت ألفاظ اللسانية الحديثة – أن تصف، أن تعين اللغة الكونية، التدشينية؟ كيف للفرع أن يفسر الأصل؟ كيف "للكثرة" أن تفسر "الواحد"؟
وهو ما يمكن أن أصوغه في أسئلة أخرى: كيف للخلق، حسب لغة المتصوفة، أن يصف ويعين "الحق" نفسه؟ كيف للشاهد أن يعين الغائب؟ وهو ما أنقله إلى سياق أخر: كيف للتجسيم والتشبيه أن يعينا التنزيه، أو "تجريد التوحيد"، كما تقول عبارة ابن عربي الجميلة والدقيقة؟
فما يستوقف في هذه المسألة، التي أعالج وجوهها المختلفة، هو أنها تنشأ وفق مفارقة تحتاج إلى تبين: إذا كان ظاهر هذا التأليف (أو التفكير) الصوفي يعطي الأولوية للنسق الشفوي إلا أنه يرتكز ويطور المنطق الكتابي وينطلق منه واقعاً. وهو ما أتبينه في صورة أخرى: اللافت في هذه العملية التأليفية (التفكيرية) المعقدة هو أن الكلام الإنساني يصبح دليلاً على العالم الإلهي، لا العكس، على الرغم من أنه يقول العكس.
وهو ما أعالجه في المفارقة في علاقة التنزيه بالتشبيه؛ وهو ما أعالجه، بداية، في وقفة عند النفري. يحافظ النفري، في "المواقف"، على مبدأ "التنزيه"، فيجعل الرؤية ممكنة إذا ما أطرق المؤمن إلى قلبه. غير أن الموقف هذا – العقيدي والمتعاهد عليه، إذا جاز القول – يتعدل في غير "موقف"، وهو ما أسميه بسياقات التخاطبية، وبمتعلقاتها المسرحية والسردية. ففي "موقف" يقول النفري: "أوقفني في بيته المعمور فرأيته وملائكته ومن فيه يصلون ورأيته وحده..." (14). كما يقول في موقف آخر: "وقال لي جائك العرش وجائتك حملته فحملوه بقوتي فسبحتني ألسنتهم..." (15). ذلك أن "المواقف" تتوزع في بعضها في سردية، تحتمل وتقوم على الانتقال من مكان إلى آخر، ومن سياق إلى آخر، بما يعنيه ذلك من تعيينات مكانية ووصفية، مخلة بمعنى ما بالتنزيه. فلله مكانه أحياناً، وله "مجلس" و"حملة" العرش وغيرها من محددات تعينه وتصفه، عدا أنها تدرجه في سياقات سردية بين أطراف مختلفين. ولكن هل العين تعين وتصف وتشبه بالتالي؟
يمكن الوقوع في كتابات ابن عربي، في "الفتوحات" وغيرها، على تحديدات وتعيينات ما يشير إلى خروقات لمبدأ التنزيه. ما يدعو إلى طرح السؤال نفسه من جديد: هل العين تعين وتصف وتشبه بالتالي؟
هذا ما سمح به بعض المتصوفة، ابتداء مما قاله بعض المؤلفين، كالمحاسبي في "كتاب التوهم" أو غيره ممن نقلوا أخبار الوعاظ والإخباريين عن "الجنة"؛ وهو ما كان يروج وينعش أوساط المقاتلين المسلمين في عمليات "الفتح" من دون شك. غير أن "أوصاف" المتصوفة تقع في ما أسميه ب"التشبيهية المجردة". فماذا هي؟ وماذا عنها؟
يلاحظ القارىْ أن عدداً من الأمكنة التي يسوقها النفري أو ابن عربي (وغيرهما أيضاً) تنطلق من ألفاظ القرآن نفسه، ما يعني أن لها وجوداً يختلف بالضرورة عن غيره مما يقع خارج القرآن، وعن أية تعيينات مكانية ومحسوسة. وهو ما يظهر بوضوح أشد عند ابن عربي: فالعين عند ابن عربي "كتابية" بمعنى ما، تكتب عما لا يعرفه غيرها، وبما لا يصل إليه غيرها، بما تصل إليه وتبلغه انطلاقاً من "الكشف"، من "الوقفة" عند النفري.
ذلك أن ما بلغه ابن عربي، على سبيل المثال، لا لون له (إلا الأبيض في أحوال)، وهو يكاد أن يكون شيئاً غير اللون، أو هو – حسب النظريات الكيميائية للون – الألوان كلها، أي اللالون واقعاً، وفي كل الأحوال. وهو ما يمكن تتبعه والتحقق منه عند غير متصوف، إذ يبلغون "الحلول" أو "الفناء في ذات الله"، ولكن من دون أن يصلنا أي تعيين فيزيائي أو بصري لهذا التعيين. وهذا يعني أنها عملية "وصفية" و"تشبيهية" كذلك، ولكن بأدوات غير تشبيهية: تنزيهية صورة وتشبيهية طبيعة.
وما يأتي به المتصوف يبقى كتابي الطابع، أي لا يخل بأساس التنزيه الإسلامي. يكتب الغزالي: "وكذلك قد تهب رياح الألطاف، وتنكشف الحجب عن أعين القلوب فينجلي فيها بعض ما هو مسطور في اللوح المحفوظ. ويكون ذلك تارة عند المنام فيعلم به ما يكون في المستقبل (...). وينكشف أيضاً في اليقظة حتى يرتفع الحجاب بلطف خفي من الله تعالى، فيلمع في القلوب من وراء ستر الغيب شيء من غرائب العلم تارة كالبرق الخاطف" (16).
ولكن وجب، مع ذلك، طرح السؤال: من أين تتأتى القدرة على الوصف، القدرة على الكتابة نفسها؟ وهو السؤال كذلك: هل يقوى المتصوف (أو غيره من المؤلفين) على معرفة، على وصف، من خارج المعاينة نفسها؟ فالمتصوف، وإن يتحدث عن غائب أو عن سر، هل يقوى على تعيين من خارج ما يعرفه ويدركه ويقع بين يديه؟

6 . الجمال بين شرع وطبع
في اليونان القديمة، كان الشاعر والكاهن والملك العادل "ملاك الحقيقة" (aléthéia )، وكانت لهم صلات بالغيب، ويبصرون اللامرئي، وينطقون "بما كان وما يكون وما سيكون". وهو ما نعرفه عن العلاقة المعقدة والحيوية بين الشاعر والجن، منذ الجاهلية: ألا تكون كنية الشاعر الأعشى، "أبو بصير"، دلالة على فرط معاشرته لعالمي الجن والأنس؟ ويمكن القول إن "التنزيل القرآني" وسع من مفهوم الوحي القديم عدا أنه غير محتواه. إلا أن الكلام النبوئي يظل، وإن تنوعت طرق تنفيذه، صياغة لفظية لخطاب الآخر اللامرئي. و"تضحي العبارة النبوئية، حسب أحد الدارسين، تمثيلاً لسماع لا يرى أو تمثيلاً لرؤيا لا تسمع" (17). أعود إلى طرح السؤال من جديد: من أين يتأتى التعيين؟ وهو صيغة لأي سؤال في المعرفة، أو في الوجود، أو في الفن، في هذه المنظورات الإسلامية، ما يمكن أن أطرحه في هذه الصيغة أيضاً: من أين يتأتى الحسن؟
وجب التمييز في هذا المجال بين الحَسن والحُسن، وبين الحَسن والمصنوعات والأقاويل الحسنة؛ وهو ما بلغ عند ابن عربي حدوداً تمييزية وتعريفية على قدر عال من التبلور، ولا سيما في تمييزه بين "الجلال" و"الجمال"، وما أفرد له كتاباً بعينه، "كتاب الجلال والجمال". يقول ابن عربي: "الجلال لله معنى منه إليه، وهو منعنا من المعرفة به تعالى، والجمال معنى يرجع منه إلينا، وهو الذي أعطانا هذه المعرفة التي عندنا به، والتنزلات والمشاهدات والأحوال وله فينا أمران: الهيبة والأنس" (18). ويقول في مراتب هذا الجمال: "إن لهذا الجمال علواً ودنواً فالعلو نسميه جلال الجمال، وفيه يتكلم العارفون، وهو الذي يتجلى لهم ويتخيلون أنهم يتكلمون في الجلال الأول الذي ذكرناه، وهذا جلال الجمال قد اقترن معه منا الأنس، والجمال الذي هو الدنو قد اقترنت معه منا الهيبة" (م. ن.، ص 3). كما يقول: "واعلم أن القرآن يحوي على جلال الجمال وعلى الجمال، فأما الجلال المطلق فليس لمخلوق في معرفته مدخل ولا شهود، انفرد الحق به، وهو الحضرة التي يرى فيها الحق سبحانه نفسه بما هو عليه، فلو كان لنا فيه مدخل لأحطنا علماً بالله وبما عنده وهذا محال" (م. ن.، ص 4).
يميز ابن عربي،إذن، بين ثلاثة مستويات أو مراتب:
- الجلال، وهو الجمال في نفسه ولنفسه، وهو الخاص بالخالق و"ينفرد به"؛
- جلال الجمال، وهو أقرب ما يتوصل إليه العارف من جمال العلوي، ويتوافر له معه "الأنس"‘ أي القربى في "الحضرة"؛
- الجمال، وهو أدنى المراتب هذه، ويتوجب على العارف فيه "الهيبة"، أي تهيب ما يتحقق من وجوده في جمال الصنع والخلق.
ولا يحتاج الدارس إلى كبير شرح لكي يتحقق من أن ابن عربي يتسق في منظوره الإجمالي لله كما للخلق، حيث أنه يحافظ دوماً، وفي كل أمر، على ما يؤكد "الواحد" في وجوده وصفاته، بما لا يشاركه به أحد، ومن دون أن تقع أية "مناسبة" بينه وبين غيره، وبينه وبين الموجودات والمصنوعات. لهذا يحافظ ابن عربي على مبدأ "التبعيد" (كما أسميته في أحد كتبي)، وهو أن يكون الله أساس أي تعيين، وأي خلق، وأي صنع، ولكن من دون أن تدخل هذا أو ذاك أية "شبهة" في اشتراك أو مشابهة أو مناسبة. في ذلك تكون قطيعة ناجزة بين العلوي والمحسوس، فيما عرفت منظورات أخرى قبل الإسلام، "التبعيد" بدورها ولكن من دون أن تقطع صلاتها ب"المناسبة". ففي التفلسف الإغريقي (ابتداء من أميبدوكل)، وفي المتن المسيحي (في تمييز المقام "الوسطي" الذي للأيقونة بين دنيويتها وبشريتها، وبين سماويتها وروحانيتها، في آن)، جرى الاحتفاظ بمبدأ "المناسبة" ضمن "التبعيد"، إذا جاز القول.
هذه القطيعة الإسلامية الناجزة أدت، من جهة، إلى بناء نطاق، فلسفي، كلامي، تصوفي، وغيره، خاص بالألوهية، وأدت، من جهة ثانية، إلى جعل أي مبحث، في الفلسفة، في علم الكلام، في التصوف، وفي غيره، مبحثاً لازماً في نطاق الألوهية بالضرورة: فالله ليس جميلاً، بل هو الجمال.
وهو ما جعل مسألة تعيين (أو تعريف) الجميل، أو الحَسن، مسألة ميسرة وإشكالية في آن: ميسرة، لوجود نطاق للجمال، بل للجلال، كما يقول ابن عربي؛ وإشكالية، لقطع المناسبة بين العلوي والسفلي. هذا ما وجد حلاً له، عند ابن عربي، في وضعية "البرزخ"، الذي يتوسط بين عالمين من دون أن يتصلا حكماً؛ وهو ما جعله يتحدث كذلك عن "العلو" و"الدنو". غير أن ابن عربي درس المسألة عينها، ضمن نطاق آخر، هو نطاق المعاملات الإنسانية؛ وهو ما لا يعيره الدارسون اهتمامهم في الغالب. فقد توقف ابن عربي عند الأوصاف الوضعية التي يقوم بها "الشرع"، أي ما ينهى عنه وما يدعو إليه، وعند ما يستسيغه "الطبع"، أي الإنساني، فيرى فيه كمالاً أو نقصاً، جمالاً أو قبحاً وغيرها. وهو سبيل في النظر يستبقي ميداناً للحسن الإنساني بالتالي، وإن يقصره في بعضه على الشرع نفسه، ويوسعه ليشمل الطبع الإنساني.
أنتهي في هذا الكلام إلى ما سبق أن أبنته في غير كتاب ودراسة، وهو أن القرآن – فضلاً عن موجبات التمدن الإسلامي بعد "الفتح" – يمثل في التجربة الكتابية، والفنية، والجمالية أساس ومرجع أي تفكير وتأليف، وأي إنتاج: القرآن للممارسات الإسلامية ما كانته الطبيعة، عبر المحاكاة (mimésis )، للتفلسف الإغريقي. فالقرآن معطى أنطولوجي، لا الكتاب وحسب، ولا العقيدة وحسب. وهو معطى الوجود، والماهية قبل أي تشكل أو في تشكلها. هو الفعل المؤسس، فلا يتعين، ولا يوجد أساساً، إلا بفعل تلقائي، متأصل من ذاته وبذاته، إذا جاز القول (sui generis )، كما تقول العبارة اللاتينية. يقول الحلاج: "في القرآن علم كل شيء، وعلم القرأن في الأحرف التي في أوائل السور، وعلم الحروف في لام الألف، وعلم لام الألف في الألف، وعلم الألف في النقطة، وعلم النقطة في المعرفة الأصلية، وعلم المعرفة الأصلية في الأزل، وعلم الأزل في المشيئة، وعلم المشيئة في غيب الهو، وعلم غيب الهو "ليس كمثله شيء" ولا يعلمه إلا هو".

الهوامش
1 : في: "الحروفية العربية: فن وهوية" (1991)، و"مذاهب الحسن: قراءة معجمية-تاريخية للفنون في العربية" (1998)، و"الفن الإسلامي في المصادر العربية: صناعة الزينة والجمال" (1999)، و"الفن والشرق" (2004)، ولا سيما في الجزء الثاني الموسوم: "الفن الإسلامي" وغيرها.
2 : أورد منها على سبيل التذكير: "صبح الأعشى" للقلقشندي، و"الفهرست" لابن النديم، و"رسالة في علم الكتابة" و"الإمتاع والمؤانسة" لأبي حيان التوحيدي، و"وفيات الأعيان" لابن خلكان، و"أدب الكتاب" لأبي بكر محمد بن يحيى الصولي وغيرها الكثير.
3 : محي الدين ابن عربي : "الفتوحات المكية"، تحقيق وتقديم: عثمان يحيى، تصدير ومراجعة: إبراهيم مدكور، المجلس الأعلى للثقافة بالتعاون مع معهد الدراسات العليا بالسوربون، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ج 2، ص 181 .
4 : منصف عبد الحق: "الكتابة والتجربة الصوفية"، منشورات عكاظ، الرباط، 1988، ص 76 .
5 : ابن عربي: "الفتوحات..."، م. س.، ج 2، ص 504 .
6 : ابن عربي: "الفتوحات..."، م. س.، ج 4، ص 336 .
7 : محمد بن عبد الجبار بن حسن النفري: "كتاب المواقف ويليه كتاب المخاطبات له أيضاً"، طبعة بالأوفست، مكتبة المثنى، بغداد، عن الطبعة الأولى: حققها: أرثر يوحنا أربري، مطبعة دار الكتب المصرية، القاهرة، 1934 .
8 : لسان الدين ابن الخطيب : "روضة التعريف"، تحقيق: محمد الكتاني، دار الثقافة، بيروت، 1970، ج 2، ص 495 .
9 : ابن عربي: "روح القدس"، مطبعة العلم، دمشق، 1970، ص 80 و81 .
10 : ابن عربي: "روح القدس"، م. ن.، ص 113-114 .
11 : منصف عبد الحق : "الكتابة والتجربة الصوفية"، م. س.، ص 143 .
12 : التي تتطلب دراسة مزيدة، على قيمة الجهد التدشيني الذي أبانه محمد عابد الجابري في كتبه حول "نقد العقل العربي".
13 : أي فن كتابة الرسائل، التي لنا أن نجد فيها، مع مهنة الوراقة، من الجاحظ إلى أبي حيان التوحيدي، أساس تبلور النثر فناً وأساليب متمايزة.
14 : النفري: "كتاب المواقف..."، م. س.، ص 39 .
15 : النفري: "كتاب المواقف..."، م . س.، ص 96 .
16 : أبو حامد الغزالي: "كيمياء السعادة"، مكتبة الجندي، د. ت.، ص 87 .
17 : عادل خضر: "الأدب عند العرب"، منشورات كلية الآداب بمنوبة، دار سحر للنشر، تونس، 2004، ص 246 .
18 : محي الدين ابن عربي : "رسائل ابن عربي، كتاب الجلال والجمال"، طبعة أولى، حيدر آباد، 1961، دار إحياء التراث العربي، ص 3 .

(ورقة في مؤتمر دولي عن الخط العربي، بدعوة من منظمة "أرسيكا"-استانبول، في "بيت الحكمة"، تونس، أيار-مايو 2006).