صدرت للكاتب والجامعي اللبناني شربل داغر رواية جديدة، بعنوان: "بدل عن ضائع" عن دار الساقي، في 312 صفحة، من القطع المتوسط.
الراوي "أجير كتابي"، عاملٌ في إعداد وكتابة "ملفات" لأدباء مرموقين، ينصرف إلى كتابة سيرة يسرا خالد، جارته وعشيقته الغامضة، بعد انتحارها المثير، وإلى قراءة بعض يومياتها في "دفاتر" خاصة تركتْها له، بصحبة شهادة ميلاد: هادي، ابنها اللبناني-الزنجي المفقود، قبل ثمانية عشر سنة على بداية الرواية. كما ينصرف إلى تعقب سيرتها في داكار (السنغال) وغيرها، حيث أنجبت في ظروف مثيرة وغامضة، قبل أن يُختطف منها وليدها... إلا أنه، وهو يتعقب سيرتها ويسعى إلى إيجاد ابنها، يكتشف أنه أهمل، بل أسقط نفسه، ظاناً بأنه أنقذها من الحرب ومفاعيلها. أجير، مختفٍ، عضو في "نادي مشاة"، قابل في نهاية المطاف بحاصل الاعتداء على شخصه في الحرب: مغلوب على أمره، فيما يتوهم أنه أنقذها وجنَّبها "تلوث" المجتمع الذي يعيش فيه.
هذا ما ينتهي إلى تبينه، وهو يتحقق من مصاعب "رجولته"، ومن علاقاته الخائبة مع عدة نساء، إلى أن يتعرف على سوزي، السنغالية، الطالبة في تاريخ الفن والعاملة في صالة عرض للفن الإفريقي في باريس...
يسرا "قاومت" على طريقتها مجتمعاً ذكورياً ظالما، ومديرة "السلسلة الأدبية" التي يعمل معها، تعرضت لاغتصاب جماعي فيما تستكشف لذتها في عمر متقدم، وبحرية، وسوزي تلتذ في ما تعيش من دون مسبقات أو أحكام، فيما لا يقوى الراوي تماماً على الخروج: هن خرجن، وإن في الألم، في الانتحار، في الكتابة، فيما يتعثر في أن يكون كاتباً ومتكلماً.
شخصيات متعددة، ومصائر مختلفة، تتعايش وتتصارع بين الرغبة والأصل. ومسارات تتقاطع في عوالم متباينة بين أوروبا وأفريقيا والعالم العربي، بين صمت النعاج وزعيق المذبوحين.
تتوزع الرواية في ستة فصول، تحت هذه العناوين: "تروي لكي لا تموت"، و"كرهتُ جسدي"، و"الماشي بين الرصاصات"، و"دفاتر يسرا خالد"، و"ستحيا في ما أكتبُ"، و"هادي ينتظر في عتمة غيابه".
من الرواية الجديدة هذه النبذة: "وجدتني، مع العباءة البيضاء التي راق لي لبسُها، مثل شجرة. شجرة ذات أغصان متدلية تلامس الأرض إن لامسَها الهواء وحرَّكَها. هواء هو عينه الذي يلامس أطرافي، يتمدد فيها، مثل عصير شجرة. هو غذاؤها ونَفَسُها وفضاؤها. شجرة تغتذي وتتنفس وتعيش وتتراقص في سرها، في صمتها. وجدتني فوق السرير الخشبي كما في أرجوحة من أقمشة ناعمة ومتينة، لا أتوانى عن الاستلقاء فيها من دون أن يراني أحد، من دون أن أدرك الوقت الذي يمضي. وجدتني أرتخي، بل أشعر بأن لجسدي امتدادات، بأنه يخرج من السرير، من الغرفة".
(موقع "كيكا" الإلكتروني، لندن، 26-4-2014).