انساق درس الفن الإسلامي، في مساع عديدة، إلى تجزئة هذا الفن في إنتاجات وممارسات وعهود من دون الاهتمام – في الغالب – بالتقاطعات والتبادلات بينها. نجد في كتاب أو دراسة كلاماً عن أن الخطاط كان مزوقاً أو مزخرفاً، أو أن الخطاط تعاونَ مع المصور، أو أن المهندس احتاج إلى معونة خطاط... إلا أنها أخبار متفرقة، متقطعة، لا تبلغ المعاينة الوافية لواقع هذا الفن إنتاجاً وفنانين وممارسات. وقد يكون درس علاقات "خيال الظل" بالفن الإسلامي من أقوى الأمثلة عن قيام عتمة واسعة في نطاقات الفن المختلفة. فماذا عنها؟

 

 

خيال الظل : في ظلال التاريخ

كتابات عربية عديدة متأخرة تناولت "خيال الظل" بالعرض والتتبع والتحليل، ولا سيما في التجربة المصرية، المعطوفة أو المرتبطة بهجرة ابن دانيال الموصلي إلى القاهرة في العام 1267 (هرباً من غزو المغول)، على ما أوردتْ بعض كتب التاريخ القديمة. أيجد الدارس، في المتون القديمة، ما يفيد عن هذه الصنعة الفنية؟

يحتاج الدارس إلى تقصٍ واسع في المواد القديمة، وإلى العودة، بداية، إلى بعض المعاجم أو كتب التفسير، على ما توصلتُ في البحث والتحقيق. يحتاج إلى الابتداء بلفظين متعالقين: "المشعوذ" و"المشعبِذ"، اللذين قد يكونان لفظاً واحداً، جرى تقليبهما في الاستعمال اللغوي تقليباً ثنائياً، على ما يلحظ الدارس في أحوال واستعمالات لغوية أخرى في تاريخ الألفاظ العربية.

الليث يقول (على ما نقل ابن منظور عنه في "لسان العرب") إن: "الشعوذة والشعوذي مستعمل، وليس من كلام أهل البادية"، ما يعني استعماله، من جهة، وعدم اشتقاقه من جذر عربي، من جهة ثانية. وهو قولٌ قد يعني أن اللفظ "دخيل"، لم يعرفه أهل البادية، وإنما دخل إلى كلام العرب في مناطق أخرى، من جراء الاختلاط مع أقوام وقبائل أخرى [1].

هذا ما يجده الدارس في أعداد من الألفاظ التي راجت في استعمال العرب القديم، من دون أن تكون متحدرة من صيغة اشتقاقية عربية، ما يشير حكماً إلى دخولها إلى العربية من لغة أجنبية على اتصال بها. وهو ما يمكن للدارس أن يتعقبه، على سبيل المثال، في كتاب أبي منصور الثعالبي: "ثمار القلوب في المضاف والمنسوب"، إذ يفيد، في الباب 18: "أبو العجب: كنية المشعبذ، وقد قيل: المشعوذ من الشعوذة"؛ ثم يتابع: "ولا أصل لها في العربية" [2]. يؤكد الثعالبي، بل ينقل ما سبق لليث أن قاله؛ ويقيم الجمع – من دون تفسير – بين اللفظين: "المشعوذ" و"المشعبذ"، ما يفيد – كما أقترح التفسير - عن عملية التقليب التي أشرتُ إليها. وفي إمكان الدارس أن يذهب أبعد في هذا المسعى، إذ يتنبه إلى أن الاستعمالات الأولى، الواردة في المتون، تتحدث عن "المشعوذ" و"الشعوذة"، فيما يتحقق من أن استعمالات لاحقة راحت تتحدث عن: "المشعبذ" و"الشعبذة"، ما قد يرسم مسار التقليب اللغوي المذكور، من جهة، وانتقالات بينة من لفظ إلى آخر في الاستعمالات الكلامية، من جهة ثانية.

التوصل إلى هذا الأمر مفيد في السياق اللغوي أكثر منه في التاريخ الفني، الذي يدور التحقيق فيه. فما قيل في التعريفات الموصولة باللفظين المذكورين؟ لا يفيد الليث شيئاً عن معاني هذه الألفاظ، فيما نجد غيره، بعده، يتحدث عن: "السرعة والخفة" في تحديد العمل المقصود. يكتب "إخوان الصفاء..." في "الرسائل": "الشعبذة ليست شيئاً سوى سرعة الحركة، وإخفاء الأسباب التي يعملها الصانع منها؛ حتى إنه، مع ضحك السفهاء منها، يتعجب العقلاء أيضاً من حذق صانعها" [3].

كما يقول الثعالبي عن "الشعبذة": "هي السرعة والخفة (...)؛ وهي مخاريق، خفة في اليد، وتصوير للباطل في صورة الحق". وهو ما يَرِدُ في عمل المفسِّر ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"، إذ يفيد في مجال التعريف بالسحر وأنواعه: "التخييلات والأخذ بالعيون والشعبذة، ومبناه على أن البصر قد يخطىء، ويشتغل بالشيء المعين دون غيره؛ ألا ترى أن المشعبذ الحاذق يُظهر عملَ شئ يُذهل أذهان الناظرين به، ويأخذ عيونهم إليه، حتى إذا استفرغهم الشغل بذلك الشيء بالتحديق ونحوه، عملَ شيئاً آخر، عملاً بسرعة شديدة، وحينئذ يُظهر لهم شيئاً آخر غير ما انتظروه، فيتعجَّبون منه جداً" [4].

ما يتضح في كلام ابن كثير، وقبله في كلام الثعالبي، أن التعريفات تنحو صوب وصف العمل المقصود، المتمثِّل في خفة اليد، ما يطلق عليه اليوم: "أعمال الخفة"، التي يتحصَّل منها خداعُ العين، فترى ما ليس موجوداً، أو مختلِفاً عما هو عليه. وهو ما يمكن للباحث أن يجده، قبل ذلك، في "الترجمان في غريب القرآن"، إذ يقول في النوع الخامس من السحر: السحر يُقال على معاني خداع وتخيلات، لا حقيقة لها، "كما يفعله المشعبذ بخفة يده"، و"لا يتمكن البصر من رؤية ذلك". ولقد اتضح، في هذه التعريفات المختلفة، استعمال متكرر للفظ: "المشعبذ" (بدل "المشعوذ")؛ كما اتضح أن عمله يقوم على الخفة وخداع البصر، كما سبق القول.

أعمال الخفة هذه لا ترقى – على ما أمكنني التحقق – إلى الحقبة الإسلامية، بل هي معروفة قبل ذلك، بدليل ما ورد في الأخبار والأحاديث، في كتاب أبي عساكر عن "تاريخ مدينة دمشق"، عن ذي الخمار عبهلة بن كعب، الذي كان "كاهناً شعباذاً" في اليمن، حسب التعريف الوارد عنه، والذي قام بأول "ردة" في الإسلام في عهد الرسول: "كان يُريهم الأعاجيب، ويَسبي قلوب من سمع منطقه" [5]. كما ورد في الأخبار وقوع الرسول في سحر ساحرة يهودية، ولم يعاقبها على فعلتها... قال البخاري في "صحيحه"، ومسلم في "صحيحه"، واللفظ للبخاري: "عن عائشة رضي الله عنها قالت: سحر رسول الله (ص) رجل من بني زريق، يقال له لبيد بن الأعصم، حتى كان رسول الله (ص) يخيل إليه أنه يفعل الشيء، وما يفعله، حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة، وهو عندي، لكنه دعا ودعا، ثم قال: يا عائشة، أشعرتِ أن الله أفتاني فيما استفتيتُه فيه، أتاني رجلان، فقعد أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجلي، فقال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرجل؟ فقال: مطبوب، قال: من طبَّه؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: في أي شيء؟ قال: في مشط ومشاطة، وجف طلع نخلة ذكر. قال: وأين هو؟ قال: في بئر ذروان. فأتاها رسول الله (ص) في ناس من أصحابه، بجاء فقال: يا عائشة، كأن ماءها نقاعة الحناء، أو كأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين. قلت يا رسول الله: أفلا أستخرجه؟ قال: عافاني الله، فكرهت أن أثور على الناس فيه شراً، فأمر بها فدفنت" [6].

وهو ما استمرَّ في العهود الإسلامية، بدليل الخبر الذي ورد عن إتيان الخليفة المتوكل بأحد المشعبذين الهنود للإيقاع بالإمام الهادي، وغيرها من الوقائع التي تشير إلى أعمال اليد الخداعية، والتي لا تتصل بـ"خيال الظل". فلماذا الحديث عنها؟ ولكن ماذا عن الإشارة التي وردت في كلام الثعالبي عن أن هذه الأعمال تُعمل من "مخاريق"، أي من النسيج المقطع والبالي في غالب الأحيان، وهي مما يلعب به الأطفال؟

 

آثار كتابية

إن هذا التعقب والفحص المتلازمَين أظهرا وجود تداخلات لغوية، بل قلباً لغوياً من لفظ إلى آخر؛ وهو ما توصلَ إليه الدارس، إذ لاحظَ تداخلاً بين عمل صاحب الخِفَّة (الذي جرى الحديث عنه أعلاه) وبين عمل آخر هو ما سيتمُّ التعرف إليه أدناه، وهو: إنتاج الصور المضلِّلة، إذا جاز القول. فقد ورد، في أكثر من شاهد لغوي قديم، وعند أكثر من كاتب، استعمال مختلف للفظ "المشعبذ"، كما يمكن للدارس التحقق منها أدناه.

يكتب أبو حامد الغزالي (450 هـ - 505 هـ) في "إحياء علوم الدين": "إنما أنتَ مثل الصبي الذي ينظر ليلاً إلى لعب المشعبذ، الذي يُخرج صوراً من وراء حجاب، ترقص، وتزعق، وتقوم، وتقعد، وهي مؤلفة من خِرَق؛ لا تتحرك بأنفسها، وإنما تُحرِّكها خيوط شَعْرية دقيقة، لا تَظهر في ظلام الليل، ورؤوسُها في يد المشعبذ، وهو محتجبٌ عن أنظار الصبيان؛ فيفرحون، ويتعجبون، لظنِّهم أن تلك الخِرَق ترقص، وتلعب، وتقوم، وتقعد، وأما العقلاء فإنهم يعلمون أنَّ ذلك تحريكٌ، وليس بتحرُّك، ولكنهم ربما لا يعلمون كيف تفصيلُه، والذي يعلم بعضَ تفصيله، لا يعلمه كما يعلم المشعبذ، الذي الأمر إليه، والجاذبة بيده" [7]. يتبين، إذاً، انتقال في اللفظ الواحد من معنى إلى آخر، وأن الغزالي يتحدث عن عمل آخر للمشعبذ، وهو صانع: "خيال الظل"، كما يُسمى اليوم، فيصف عمله وأدوات عمله وغيرها.

هذا ما يجده الدارس عند ابن عربي (558 هـ - 638 هـ) في "الفتوحات المكية"، بعد أكثر من مئة سنة، وفق المعنى المستحدَث: "ما في الوجود إلا الله تعالى وأسماؤه وأفعاله، فهو الأول من الاسم الظاهر، وهو الآخر من الاسم الباطن (...). فسبحان الظاهر الذي لا يخفى، وسبحان الخفي الذي لا يظهر، حجبَ الخلق به عن معرفته، وأعماهم بشدة ظهوره. فهم مُنكرون مقرون مترددون حائرون مصيبون مخطئون. والحمد لله الذي منَّ علينا بمثل هذه المشاهد، وجلا لأبصارنا هذه الحقائق، فلم تقع لنا عين إلا عليه، ولا كان منا استنادٌ إلا إليه، لا إله إلا هو العزيز الحكيم. ومن أراد أن يعرف حقيقة ما في هذه المسألة فلينظرْ في خيال الستارة وصوره، ومَن الناطق في تلك الصور عند الصبيان الصغار، الذين بعدوا عن حجاب الستارة المضروبة بينهم وبين اللاعب بتلك الأشخاص والناطق فيها. فالأمر كذلك في صور العالم والناس، أكثرُهم أولئك الصغار الذين فرضناهم، فتعرف من أين أتى عليهم. فالصغار في ذلك المجلس يفرحون ويطربون والغافلون يتخذونه لهواً ولعباً، والعلماء يعتبرون ويعلمون أن الله ما نصبَ هذا إلا مثلاً. ولذلك يخرج في أول الأمر شخصٌ يُسمى الوصّاف، فيخطب خطبة يُعظِّم الله فيها ويمجده، ثم يتكلم على كل صنف من الصور التي تخرج بعده من خلف هذه الستارة، ثم يعلم الجماعة أن الله نصب هذا مثلاً لعباده، ليعتبروا وليعلموا أن أمر العالم مع الله مثل هذه الصور مع محرِّكها، وأن هذه الستارة حجاب سر القدر المحكم في الخلائق. ومع هذا كله يتخذونه الغافلون لهواً ولعباً، وهو قوله تعالى الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً. ثم يغيب الوصاف وهو بمنزلة أول موجود فينا، وهو آدم (ع)، ولما غاب، كان غيبته عنا عند ربه خلف ستارة غيبة، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل" (ج 3، ص 68).

يستعيد ابن عربي ما قاله الغزالي، ويأتي بالمشعبذ ويعرض عمله، لكي يتحدث عن "تحريك" الله للعالم والموجودات، ما يعني أن اللفظ عينه ("المشعبذ") بات يُعيِّن عملَين مختلفَين، أو انتقلت حمولته من صنع إلى آخر، أي من أعمال الخفة إلى أعمال الصور المتحركة. إلا أن في كلامَيهما ما يفيد عن عمل المشعبذ نفسه، عدا أن ابن عربي يتوسع في شرح هذا العمل.

كما وجدت، في تفسير ابن كثير، ما يشير إلى معرفته بعمل خيال الستارة، إذ يقول، في معرض حديثه عن أنواع السحر: "عمدوا إلى تلك الحبال، والعصي، فحشوها زئبقاً، فصارت تتلوى بسبب ما فيها من الزئبق، فخيل إلى الرائي أنها تسعى باختيارها" [8].

كما تحققت من ورود الحديث بصورة وافية عن "خيال الظل"، وفق هذه التسمية، في قصيدة ابن الفارض (576 هـ-632 هـ)، المعروفة بـ"التائية"، إذ يقول فيها:

وشاهدْ إذا استجليتَ نفسَك ما ترى                   بغير مراءٍ في المرائي الصقيلةِ

أغيرُكَ فيها لاح، أم أنتَ ناظرٌ                      إليكَ بها عند انعكاس الأشعةِ

(...)

وإيــاك والإعــراض عــن كـل صـورة

مموهــــة أو حالــــة مســـتحيلة

فطيـف خيـال الظل يُهدي إليك في

كرى اللهو، ما عنه الستائر شقت

تـرى صور الأشياء تُجلى عليك من

وراء حجـاب اللبس فـي كـل خِلعة

تجـــمعت الأضـــداد فيهــا لحكمــه

وأشــكالها تبــدو علـى كـل هيئـة

صوامت تبدي النطق وهي سواكن

تحـــركُ، تهـــدي النــور، غــير ضويــة

وتضحكُ إعجاباً، كأجذلِ فارحٍ                       وتبكي انتحاباً مثل ثكلى حزينة

وتندبُ إن أنّتْ على سلب نعمة                      وتطربُ إن غنتْ على طيب نغمة

...

الأكيد في قصيدة ابن الفارض هو تسميته لهذا الفن باسمه الذي يبدو أنه بات "مقرّاً" ومستعملاً في عهده، عدا أنه يصف الصنيع الفني بما يدلُّ على ما يحدث في العرض، من بكاء أو ضحك، تبديه هذه الدمية أو تلك. وهو، في ذلك، يتحدث عما تعكسه الحجب من صور للأشياء، أشبه بالمرايا الصقيلة. وإذا كان من لبس في بعض المعاني والدلالات، فهذا يتأتى من طلب التشبه المتوسع الذي طلبَه ابن الفارض، بعد غيره، بين خيال الظل وعلاقة الله بالموجودات في العالم.

هذا ما يُقدِّم أكثر من دليل - غير مسبوق - على معرفة متوطنة بعمل "خيال الظل" في هذه المجتمعات، ما له أن يصحح التاريخ المتداول عن هذا الصنيع الفني. فقد انساق غير دارس، عربي وأجنبي، إلى تعيين تاريخ هذا الصنيع ابتداء من القرن الميلادي الثالث عشر، مستندين تحديداً إلى ما قام به شمس الدين ابن دانيال من أعمال مأثورة في هذا المجال، وما بقي لنا من نصوصه لعروض "خيال الظل"؛ وهو ما يمكن العودة إليه في عدد من الكتب والبحوث [9]. مع ذلك، يبقى السؤال: من أين تعرف العرب والمسلمون على هذا الصنيع الفني؟

 

الحكاية المصورة بين هندية وصينية

هذا السؤال طرحَه أكثر من باحث، من دون أن يخلص إلى إجابات ناجعة في هذا المجال. وقد وجدت أن نسبة هذه الأعمال تترجح بين نسبين أو مصدرين : الهندي أو الصيني. فماذا عنهما؟

من يدافع عن الأساس الهندي، يجد في كتاب "كليلة ودمنة"، ذي الأصل الهندي، دليلاً بين جملة أدلة عن هذه العلاقات، وهي تتعين في كتاب مصور، على ما هو معروف. هذا ما يجده الدارس في أكثر من خبر أو شاهد، إذ يتحدث أحد الأخبار عن أن المتوكل أتى بمشعبذ هندي للإيقاع بالإمام الهادي؛ كما يذكر ابن كثير في "تفسيره" معرفته بالصور التي تنتجُها الهند: "منها الصور التي تصورها الروم والهند، حتى لا يفرق الناظر بينها وبين الإنسان، حتى يصورها ضاحكة وباكية (...). فهذه الوجوه من لطيف أمور المخاييل". كما يذكر الفارابي قبله معرفته بالتماثيل لدى الهنود، وغيرها من الدلائل التي تشير إلى صلة متمادية معرفة وإنتاجاً بالفن الهندي، تصويراً ونحتاً. وماذا يمكن القول في كون الصينيين قد نقلوا هذا الفن إلى البيئات العربية-الإسلامية؟ ماذا لو كان بعض التجار العرب والمسلمين قد أتوا بها من هناك؟

ورد في "نهاية الأرب" للنويري، نقلاً عن الثعالبي في "لطائف المعارف"، أن "أهل الصين خصوا بصناعة الطرف والملح وخرط التماثيل"؛ كما ورد في "كتاب البلدان" لليعقوبي أنه كان في بغداد، منذ نهاية القرن الهجري الثاني، سوق خاصة لبيع التحف الصينية: أهي مما كان يستورده التجار من الصين أم هي مما بات ينتجه صناع محليون بعد أن أخذوها عن بعض الصينيين، ممن أقاموا وعملوا في بغداد نفسها؟ فقد وردت أخبار، في نص صيني تاريخي، عن وجود فنانين صينيين عند العرب في منتصف القرن الميلادي الثامن، بعد وقوعهم في الأسر؛ وقد علموهم، حسب النص، نسج الأقمشة الحريرية وصناعة التحف الذهبية والفضية، فضلاً عن فنون النقش والتصوير.

يفيد بول بيليو، في دراسته الموجزة ولكن المفيدة [10]، أن العرب كانوا يثمِّنون مصنوعات الصين منذ القرن التاسع على الأقل، أي قبل تأثيرات الصينيين في الفن الفارسي في العهد المغولي: فالخزف الصيني كان معروفاً في العراق، ويتمُّ تقليده فيه؛ وهو ما يذكره الجاحظ بدوره في معرض حديثه عن الصناعات التي امتاز بها الصينيون: “هم أصحاب السبك والصباغة، والإفراغ والإذابة والأصباغ العجيبة، وأصحاب الخرط والنحت والتصوير، والنسخ والخط، ورفق الكف في كل شيء يتولونه ويعانونه، وإن اختلف جوهره، وتباينت صنعته، وتفاوت ثمنه” [11]. إلا أن ما يكشف عنه الدارس الفرنسي، هو توافر نص صيني يرقى إلى القرن الثامن الميلادي، ويُستفاد مما ورد فيه أن المسلمين هزموا الجيش الصيني، بقيادة الجنرال كاو سيين-تشي، قرب موقع تالاس، في العام 751. وهو ما أوردَه مؤرخون عرب بدورهم، إذ تحدثوا عن أن جنوداً مسلمين هزموا قوات صينية في سمرقند، وتعرفوا على الورق، حسب الطريقة الصينية، في عداد أغراض القوات الصينية المنهزمة.

بين هؤلاء أسيرٌ لعبَ دوراً هاماً في هذه العلاقات، وهو: تو هوان، الذي اقتيد إلى العراق، وبقيَ فيها بين العام 751 والعام 762، وصنعَ فيها عدداً من التحف الصينية، فضلاُ عن أنه علَّمَ عدداً من الصناع المحليين "أسرار" مهنته؛ ثم ما لبث هذا الأسير أن هرب من بغداد وعاد إلى كانتون من جديد فوق سفينة تجارية، وكتبَ فيها سيرته المذكورة... إلا أن نصَّ سيرته ضاع، لكن قريبه تو يكو ضمَّن كتاباً له مقاطع من هذه السيرة، ولا سيما في الفصول: 191 و192 و193، وهو الكتاب المجموع الذي استمرَّ في كتابته بين العام 766 والعام 801.

ولقد وجدتُ مناسباً نقل المقطع المقصود: "أما عن مِهن صُناع نسيج الحرير الخفيف، وعن صائغي جواهر الذهب والفضة، وعن المصورين، فإن العمال الصينيين هم الذين شرعوا في هذه الأعمال؛ وهما في مجال التصوير: فان شو ولييو تسو، المتحدران من العاصمة سي-نيان-فو، وفي نسج الحرير: يو هوان ولو لي، المتحدِّران من هو تونغ" (م. ن.، ص 111-112). يدافع الدارس الفرنسي عن فكرة مفادها أن الأسير الصيني، الذي حلَّ في الكوفة، بداية، قد بالغ في إظهار دورهم التأسيسي في صناعات العهد العباسي، مستدركاً أن دَورهم، في مجال نسج الحرير، قد يكون أكيداً في مدينة الكوفة.

ما يقوله النص الصيني القديم ذكرَه الجاحظ (كما سبق القول) من دون الأسماء الصينية، وهو ما يرسم في صورة مقربة بعضاً من هذا المسار القديم. ومعه نعاود طرح السؤال: أتعرَّفَ العباسيون على صناعة الدمى مِن هؤلاء الأسرى؟ أم أن علاقاتهم بالهنود - وهي قائمة وقوية في ذلك العهد – هي التي مكَّنتْهم من ذلك؟

لا يسع الدارس بتَّ هذه المسألة، بين أصلَيها (الهندي أو الصيني)، إلا أن في إمكانه الوقوف على صلة الحكاية بالعرض الفني، إذ هي صلة مناسبة للحديث عن هذه العلاقات، من جهة، وعن هذا الصنيع الفني، من جهة ثانية. فمن يتفحص بناء "خيال الظل" يمكنُه التنبه إلى انتظام الصلة البنائية، التي يقوم عليها، بين حكاية وعرض فني. وهو ما اجتمع، منذ كتاب "كليلة ودمنة" (وفق المصادر المتوافرة)، بين حكاية وصورة فنية لها.

إلا أن الدرس يتطلب وقوفاً إضافياً، يتعدى مسألة المصدر نفسه، ليتناول مسألة "استقبال" المسلمين لهذا الفن، أياً كان مصدره. فعملُ المشعبذين يحتاج إلى فحص مزيد لجهة تناسبه أو عدم تناسبه مع البناء العقيدي الإسلامي في مسألة الصورة: يتضح، ابتداء من الشواهد المذكورة أعلاه، أن عملَ المشعبذين كان يتجه إلى الأطفال خصوصاً من دون غيرهم. كما يتضح كذلك أن إنتاج مواد العرض الفني لا يبلغ إنتاج المصنوعات الفنية، أو النحتية، ذات الأبعاد الثلاثة، وإنما هي مواد ذات بعدَين، فلا تقع في "التجسيم" بالتالي. كما في إمكان الدارس أن يلاحظ أن في كلام الغزالي وابن عربي أعلاه ما يشير إلى أن انتظام عمل المشعبذين يقوم على "التحريك"، أي على افتعال حركة والقيام بها، لا على "التحرُّك"، مثلما هو عليه عملُ الله، التلقائي والطبيعي في العالم وبين الناس. هكذا يميز الغزالي مثل ابن عربي بين العملَين، بل يتوسع ابن عربي في عرض عمل "الوصّاف"، أي "محرِّك" الدمى، ويقارنه دينياً بدور آدم. كما يعرض ما يقوم المشعبذ به قبل مباشرة العرض، ولا سيما شرحه للصور، ولكونها "مثلاً" ليس إلا، ما يشير إلى أن عملَ صانع الدمى "يوافق" الشرع الديني، ولا يخالفه أبداً. وماذا عن الاسم، بداية؟

قد يكون الاسم الشائع حالياً، "خيال الظل"، هو مقلوب التركيب: "ظل الخيال"، الذي يناسب واقع هذا الصنيع الفني؛ إلا أنني أجد في كلام ابن عربي أقربَ سند لغوي لهذه التسمية، إذ يتحدث عن "خيال الستارة"، وعن "صوره". أما "خيال الظل"، فقد ورد بصيغته هذه في قصيدة ابن الفارض أعلاه. ومن المعروف ورود اسم آخر في مصر متصل بهذا الفن، وهو: "بابة"، الذي يُطلق على العرض نفسه، ولا سيما على النص المعد للعرض. ماذا عن ظهور هذا الفن في الديار الإسلامية؟

يختلف المؤرخون في تعيين تاريخ "دخول" هذا الفن إليها، فالبعض يتحدث عن العصر العباسي، وغيره مثل شوقي ضيف عن القرن السادس الهجري (م. س.، ص 64)، فيما يتأكد مثل هذا الحضور في القرن الميلادي الثالث عشر، مع ظهور ابن دانيال الموصلي في مصر. فقد حفظت المتون ثلاثة نصوص لابن دانيال، هي: "طيف الخيال"، و"عجيب غريب"، و"المتيم والضائع اليتيم". ومن المعروف عنه أنه رحل عن الموصل هرباً من اجتياح المغول للعراق، ووصل إلى القاهرة في العام 1267، في عهد السلطان الظاهر بيبرس. ويتضح من دلائل مختلفة أنه كانت لابن دانيال صنعة متطورة، ما تعكسه معلومات عن أسماء بعض دماه: عجيب الدين الواعظ، وعسلية المعاجيني، وعواد الشرماط، ومبارك الفيال، وزغبر الكلبي، وناتو السوداني وغيرهم [12].

لقد عمدتْ الباحثة الإيطالية فرنشيسكا ماريا كوراو، في دراسة بعنوان: "بضع ملاحظات على هامش البحوث في الأدب "الشعبي" العربي"، إلى درس صلات هذا الفن ("خيال الظل") وغيره من وجهة نظر أدبية، وضمن إطار "أدب الهزل"، بين المجون والسفه. وتوقفتْ عند صلات بينة بين هذا الأدب (الجاحظ، أبو القاسم الأصبهاني، أبو حيان التوحيدي وغيرهم) و"خيال الظل"، كما يتضح، على سبيل المثال، في الصلات المثبتة بين التوحيدي وابن دانيال، ولا سيما في الليلة الثامنة عشرة من كتاب "الإمتاع والمؤانسة"، التي تستجمع أخباراً عن المومسات والمثليين الجنسيين والسحاقيات وغيرهم، وهو ما سيتناوله ابن دانيال بدوره. هذا ما يتناوله بدوره أبو القاسم الأصبهاني في "محاضرات الأدباء"، في الفصل السادس عشر، الموسوم بـ"في المجون والسخف" [13]...

كما يتوافر، في مصر تحديداً، تاريخٌ متتابع لهذا الصنيع الفني، يتعيَّن في عدد من صناعه، مثل: جعفر الراقص من القرن الخامس الهجري، قبل ابن دانيال في القرن السابع الهجري، والذهبي وابنه محمد في القرن الثامن الهجري، وابن سودون في القرن التاسع الهجري، وداود العطار المناوي وعلي نخلة والشيخ سعود في القرن الحادي عشر الهجري، وحسن القشاش ودرويش القشاش في بداية القرن الرابع عشر الهجري، ومحمد أبو الروس ومحمود علي صالح ومصطفى الروبي في أواخر القرن نفسه، وأحمد الكومي والفسخاني في بداية القرن الخامس عشر الهجري، وأخذَ عنهما حسن خنوفة الذي توفي في العام 2004 الميلادي. وهي سلسلة مصرية تفيد أن هذا الفن تواصل واستمر في العصرين الأيوبي والمملوكي، ثم في عهد أسرة محمد علي بلوغاً إلى مطالع القرن العشرين. بل ينسب البعض دخول هذه الصناعة الفنية إلى البلاد العثمانية ابتداء من مصر نفسها، إذ نقلوا بعض فنانيها إلى استانبول لإقامة هذه العروض.

يتضح، من مصادر مختلفة، أن فن خيال الظل عَرف، خاصة في العهدين الأيوبي والمملوكي، انتشاره الواسع وتطوره الأكيد، بحيث يقوى الدارس على إجراء سياق تاريخي متتابع لهذا الفن في مصر بما فيه أخبار فنانيه المعروفين [14]. ويشير نصار، في كتابه المذكور، إلى أن هذا الفن بلغ من "المرونة في الحركة" ما جعله قابلاً للعرض في فناء الدار أو داخل فسطاط معين، وبات بالتالي وسيلة "من وسائل إحياء المواسم وحفلات الرواج والختان وما إليها" (م. ن.، ص 334). وهو ما ترد أخباره في تاريخ ابن أياس وغيره.

هذا ما بلغ دمشق بدورها، على ما ينقل سعد الله ونوس عن فخر الدين البارودي، في شهادة حية عن خيال الظل، في مقدمة كتاب: "خيال الظل وأصل المسرح العربي" لحسين سليم حجازي، في نهاية القرن التاسع عشر ومطالع القرن العشرين: "كنا نتردد على محلات خيال الظل، المعروف باسم قهوة كراكوز (...). فكان مدير اللعبة يضع في صدر المقهى ستاراً من قماش، في وسطها قطعة مدورة من القماش الأبيض، في أسفلها رفٌّ من خشب، يوضع عليه سراج من فخار بنار زيت الزيتون، ويقف الرجل خلف الستارة التي يسمونها "الخيمة"، ويمسك بيده عصا رفيعة يحرك رسوم أشخاص من الجلد، إذا وضعت على الشاشة ظهر خيالُها مجسماً من عكس النور عليها من الخلف، ثم يتكلم الرجل، ويحرِّك الخيال، فيبدو وكأنه يتكلم، وكان يبدل صوته حسب أصوات الرسوم" [15]. وقد يكون "دخول" هذا الفن إلى سورية متأتياً من تركيا العثمانية نفسها، بدليل تسمية العرض بـ"الخيمة"، وهي التسمية المأخوذة من التسمية التركية: "خيمة كراكوز"، الذي هو التعيين التركي (العثماني) لهذا الفن بعد وصوله إليها. ومن اللافت، في التركية، أن تسمية هذا الصانع هي: "خيالي" [16]، وهو ما يلتقي مع اسم "المُخايِل" في التجربة المصرية.

 

معاينة فنية

يقوم هذا الفن على الرسم بالقصِّ، ما شاع عند الهنود والصينيين. ولقد اتُخذتْ شخوص خيال الظل من جلود البقر، ويصورون منها، ثم يصبغونها، على ما تقتضيه ألوان الوجوه والثياب وأجسام الحيوانات. أو هي من الورق المقوَّى في قطع صغيرة، مدهونة بألوان قاتمة، كي لا ينفذ النور منها، ثم يجعل لكل قطعة عوداً أو قضيباً صغيراً أو قصيراً، ليتمكن محرِّك الدمى بواسطتها من تحريك القطعة بسهولة.

قد يكون مفيداً الاستدلال بما حفظته بعض المتون العربية من تعيينات لبعض مشاهير هذا الفن: الأمير مسعود (-1127)، الماهر في القص والتصوير والتزويق، "لا يلحقه أحد في ذلك". ومنهم: اللخمي (-1352)، الماهر بدوره في فنون النقش ورسم الهياكل والزركشة والتطعيم. ومنهم: تغري بردى، البارع في الرسم بالقص. ومنهم: محمد شمس الدين الرسام (في القرن الخامس عشر)، المشهور في التذهيب وعمل المزهرات وقصِّ الورق [17] وغيرهم.

من يعد إلى عدد من كتابات المستشرقين، خصوصاً في القرن التاسع عشر، وفي عدد من المدن، يتحقق من انتشار هذا الفن، وإقبال العائلات عليه، سواء في القاهرة أو في استانبول نفسها: "كنت أقصد بيرا (Péra)، لكي أستعيد محاورة الأوروبيين. ذات يوم، استوقفَني ملصق كبير عن المسرح، موضوع على الحيطان، ويعلن افتتاح الموسم المسرحي. سيبدأ (الموسم) مع فرقة إيطالية لمدة ثلاثة شهور، وكان أحد الأسماء يلمع بأحرف كبيرة، بوصفه "النجم" المسرحي في هذه الفترة: إنها روزي–تاكشيناردي، مطربةُ روسِّيني (الموسيقي الإيطالي) في أحلى أيامه، والتي خصصَ لها ستاندال (الكاتب الفرنسي) صفحات جميلة" [18]. كما يذكر فولني أيضاً أسماء فنانين أوروبيين آخرين، ممن جذبتهم "شمس الشرق"، فقدموا فيها عروضهم المسرحية والغنائية. ويفيد كذلك أن هذه العروض كانت تُقدم في "مسرح بيرا" نفسه، أو أمام السلطان، وأنه كان من الصعب الحصول على بطاقات الدخول، بعد أن يتمَّ توزيعها للبيع في الفنادق والمقاهي التي يرتادها الأوروبيون. كما يصف المسرح نفسه، الذي حضر أحدَ عروضه، برفقة مدير جريدة بالفرنسية تصدر في استانبول...

لكن فولني يتوقف خصوصاً، في حديثه عن المسرح، عند عروض "الكراكوز"، ويعلمنا أن الفرنسيين حينها كانوا يعلمون بوجود مثل هذه الدمى. لكنه يتضايق من كون هذه العروض تُقدَّم للشبيبة، مشيراً إلى أن أرباب العائلات كانوا يتفاخرون بكونهم "يَهِبون" أولادهم فرصةَ التمتع برؤية هذه العروض، التي تصلح لهم تربوياً، في حسابهم. يقع المسرح في "ساحة سيراسكييه"، ويعرض عمل: "كراكوز، ضحية عفته" بالأحرف العريضة على المدخل. والعرض قسمان: واحد مخصص لكراكوز، والثاني (الذي يؤديه أربعة ممثلين) بعنوان: "زوج الأرملتين"، والذي هو عبارة عن عمل تهريجي-هزلي من فئة الأعمال الموسومة: "تقليد". يصف فولني الممثلين، الذين يتكفل بعضهم بأدوار النساء، مضيفين على رؤوسهم شَعراً بضفائر طويلة، فضلاً عن تكحيل عيونهم وتلوين أيديهم بالحناء الأحمر. ويتوسع في الوصف، متحدثاً عن أسعار الدخول، التي يرفع معدلَها بعض "الأفندية" إن شاؤوا؛ كما يتحدث عن مرفقات رسم الدخول، إذ تتيح لرواد المسرح تناولَ شراب القهوة والدخان مجاناً: الصالة تتسع تباعاً لزوارها، من دون امرأة واحدة، فيما استقدمَ خُدَّام المنازل أولاد العائلات...

نجد كلاماً آخر يفيد في التعرف على كراكوز عند المستشرق تيوفيل غوتيه، ويشرح فيه العرض الذي يتم في حديقة، ويتوقف خصوصاً لوصف دمية الكراكوز نفسها، من ألوان وعلامات مضخَّمة في هيئته وداعية للمرح (م. ن.، صص 540-542). كما يتحدث عما يقع عليه في مقهى، ومنها تصاوير الفن: "الكل يعرف أن القرآن يمنع التصوير، ما يتقيد به الأتراك تماماً، وينظرون إلى إنتاجات الفنون التشكيلية مثل منتجات وثنية: هذا في المبدإ، إلا أنهم أقل تشدداً في واقع الأمر، ذلك أن المقاهي مزينة بأنواع مختلفة من المحفورات (الفنية)، ذات المستوى الفني الضعيف، ما لا يصدم أبداً التشدد الإسلامي". ويمكن التعرف، في وصفه، على بعض هذه الأعمال: عمامة الدراويش الراقصين مرسومة بحروف عربية، وموضوعة فوق حامل مادي؛ وأُسود وغيرها من رسوم الحيوان (التي يعود بعضها للفنان فيكتور آدم)؛ ومُحاربون من خراسان بشواربهم المميزة، وفوق أحصنتهم؛ نابوليون في إحدى معاركه؛ وأسماء الله والإمام علي بحروف جميلة مع زخرفات بعضها نباتي؛ وصورة محمد علي، حاكم مصر؛ وغيرها من الموضوعات الفنية الكثيرة، الموضوعة في أطر بأسعار باخسة (م. ن.، صص 517-518).

 

دمى أسيوية

تفتخر "مؤسسة الشرق" (Fundacao Oriente)، في لشبونة، بمجموعاتها الفنية الدائمة الخاصة بالشرق (تمَّ افتتاح متحف المؤسسة في العام 2008)، المتوزعة في غير فن، ومنها "خيال الظل"، وقد خصَّصتْ كتاباً تعريفياً بمجموع مواد هذا الفن في المتحف [19]. وتملك "المؤسسة" ما يزيد على 14 ألف مادة من مواد هذا الفن، ما قد يجعلها المجموعة الأكبر في العالم، خصوصاً وقد أدرجتْها في سياسات المتاحف والعروض. ومن يعد إلى معروضات هذه المجموعة [20]، يتحقق من توزُّعها في عدة بلدان، هي التالية: الهند (في أربع ولايات)، وأندونيسيا، وماليزيا، وتايلندا، وكمبوديا، والصين، وتركيا.

من يتوقف أمام معروضات هذه المجموعة النادرة، يتحقق من كونها تنتسب إلى الفن نفسه، مع اختلافات وتنوعات بين هذه التجربة وتلك. هذا ما يَظهر في الأحجام، في الرسم، في التلوين، أو في الهيئات المتبايِنة للدمى نفسها (بين قريبة من الهيئات الآدمية، وبين تشويهها العَمْدي في بعض الأحوال)، إلى غير ذلك من السمات الدالة على هذا الفن، الذي اعتبرته منظمة اليونسكو مؤخراً في عداد فنون العالم.

من يتابع المواد التعريفية بهذه التجارب، في كتاب المؤسسة، يتحقق من حصول تدقيقات تاريخية وفنية مزيدة لها، مشفوعة بآخر الكتب والدراسات عنها، ما لا حاجة لعرضه، لأنه يتعدى مراد هذا البحث. ويعود تاريخ هذا الفن، حسب بعض دارسيه، إلى أكثر من ألفي سنة: بدأ في الصين في عهد أسرة هان الغربية بين العام 206 قبل المسيح والعام 220 قبل المسيح، ثم ازدهرَ في تواريخ أُسر صينية حاكمة غيرها. ومن يدافع عن هذه النشأة يستند – في ما يستند إليه – إلى التسمية الأجنبية التي جمعتْ بين الظل والصين، كما في التسمية الفرنسية: (ombres chinoises)، ما معناه: "الظلال الصينية". إلا أن دارسين آخرين ينسبون نشأته إلى الهند، وإلى طقوس دينية فيها، بداية، قبل أن تتحول إلى صنيع فني قائم بنفسه، للإمتاع والتسلية. وهو ما يربطه بعض الدارسين بملحمة "المهابهاراتا"، التي استلزمتْ، في تقديمها على أوسع نطاق بشري، مثل هذه العروض الفنية، كما يبدو.

ما يَظهر، في هذه النشأة، بعيداً عن أوليتها، سواء في الهند أو في الصين، هو التباين الأكيد بين بداياتها وتجلياتها اللاحقة، حيث إن هذه العروض ناسبتْ، في تجاربها الأولى، الطقوس الدينية، أو العروض الحكائية، ما كان يخصُّ الكبار تحديداً. بينما ينتبه الدارس إلى أن تجليات هذا الفن اللاحقة، على ما يتضح في أكثر من نص عربي قديم، أو في بعض التجارب العراقية والمصرية والتركية (العثمانية)، تخصُّ الأطفال تحديداً، أو في المقام الأول. كيف جرى مثل هذا التحول؟ ما دواعيه؟ أتكون الخشية من "إحياء" الدمى مانعاً من دون عرضها على الجميع، واقتصار عرضها بالتالي على الصغار من دون غيرهم؟

قد يكون هذا التفسير ممكناً، إلا أن الباحث يلاحظ كذلك أن إنتاجات ابن دانيال المعروفة، والتي بلغتنا، اتسمت بالنقد الاجتماعي، ما يتعدى بالتالي عروض الأطفال. أيعني هذا تحويلاً مستجداً لهذا الفن؟ أيعني هذا تملُّكاً "شعبياً" له، يُبعده عن عيون القضاة والحكام، مثل تجليات وإنتاجات أخرى مما راج في ثقافة وتقاليد العامة؟ أيعني هذا وجود الفن عينه بصيغتَين متباينتَين ومتزامنتَين، واحدة للصغار وأخرى للكبار؟

بعيداً عن الأصل والتسمية، قد يكون "بلوغ" هذا الفن الديار العربية والإسلامية متأتياً، من هذا البلد أو ذاك، وفق مسار التفاعلات بين المنطقتَين. لـ"خيال الظل" تقليد صُنعي وعَرضي وفني سابق على تواجده في الديار العربية والإسلامية، وهو ما يتطلب مزيداً من الدرس في تاريخٍ لا يزال قسمٌ كبير منه طيَّ النسيان والإهمال. ولقد بان، في خلال العرض أعلاه، أن لهذا الفن وجوده الأكيد، منذ العصر العباسي على الأقل. وما يستوقف في تتبع مسار هذا التاريخ، والتوقف عند بعض وقائعه وعلاماته، هو أن حديث الصورة – أياً كان شكلها – لم ينقطع منذ هذا العهد في هذه الديار.

إلا أن الحديث عن الصورة الإسلامية يعود إلى ما قبل العصر العباسي واقعاً، لو وضعنا جانباً الفترة الصراعية حولها في عهد بعض الخلفاء الأمويين. وما أُشدِّدُ عليه، لجهة العصر الأموي، يتعين في مجموعة من العلامات والوقائع الدالة على هذا المسار، وتؤكد إيرادَ (أو جوازَ إيراد) صورة الخليفة فوق القطعة النقدية. وهو صراعٌ تعيَّنَ – على ما درستُ – في فترة بناء "هيبة" الدولة وصورتها الرمزية، في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان وصولاً إلى عهد ابنه، الخليفة هشام. فقد دارَ صراع حول وجوب امتلاك الدولة الإسلامية لعملة خاصة بها، بدل استعمال العملات المتوافرة، ما جعل الخليفة يلجأ إلى محاكاة سكِّ العملة، كما كانت عليه عند الرومان والفرس، وما يقتضيه السكُّ من إنزال لصورة الحاكم. وهو قد عرفَ – على ما هو معلوم – تجليات مادية مختلفة للعملية (ليس هنا مجال تتبعها وسردها)، وانتهتْ واقعاً إلى اعتماد عملة من دون صورة [21].

هذه الواقعة التأسيسية قد لا تكون تأسيسية لأشكال تجليات الفن الأخرى، إذ عرفنا، في أكثر من موقع أموي، ولا سيما في قصور بادية الشام (في الأردن حالياً)، وجوداً للصورة الآدمية وغيرها (ما اعتُبر مثل امتدادٍ أو تحويلٍ للفن الروماني والبيزنطي في الفن الإسلامي الناشىء). إلا أن من يتابع أخبار المتون، ومن يعاين بعض المحفوظات الأثرية، يتحقق من وجود الصورة، سواء في الكتاب، والبيت، والقصر، من قبل فنانين حفظَ لنا التاريخ بعض أسمائهم كذلك.

كما يتبين الدارس، في العصر العباسي، وفي صورة متزايدة، اقترانَ الصورة بالكتاب، من جهة، واقترانَ الصورة بالحكاية، من جهة ثانية. ولقد حظي الدرس بعدة معطيات دالة على هاتين السمتين: ما توافرَ من كتب مصوَّرة، طبية وجغرافية وأدبية وغيرها، يمكن تتبعه ابتداء من القرن العاشر الميلادي، ما يناسب العصر العباسي، إذاً، إذا أخذنا من كتاب "النجوم الثابتة" لعبد الرحمن الصوفي (903-986) علامةً دالة في هذا المسار [22]. وهو ما استمرَّ حضورُه وإنتاجه، بل اطَّرد في العقود والقرون التالية. هذا ما بلغ، في الحقبة العثمانية، حداً أقوى وأشد، إذ بات السلطان يحتاج – كما كتبت- إلى "صورة فنية مأذونة"، باتت في عداد "هيئة" الحكم الرمزية والإشهارية. هذا التلازم بين الصورة والكتاب ترافقَ تاريخياً وفنياً مع تلازم آخر، بين الحكاية والصورة، ما يتعين ابتداء من كتاب "كليلة ودمنة" لمترجمه ابن المقفع (حوالي 720-حوالي 756)، وبلغ مع يحيى الواسطي، في تصويره لـ"مقامات" الحريري في القرن الثالث عشر، تجليه الأجمل.

 

الدمية والكتاب

خصَّت "مكتبة فرنسا الوطنية"، في العام 2001، معرضاً مرفقاً بكتاب عنوانه: "فن الكتاب العربي: من المخطوط إلى كتاب الفنان"، يتناول بالصورة والتحليل جوانب من هذا التاريخ، من فن الكتابة إلى فن الصورة في المخطوط العربي-الإسلامي خصوصاً. ولقد توقفتْ الدارسة دومينيك كليفنو، في هذا الكتاب، في معرض تناولها لهذه الصور، عند جانب قلما أشار إليه الدارسون، وهو ما يمكن صوغه في السؤال التالي: أهناك صلات، وأي صلات، بين التصوير في مخطوطٍ وبين رسوم "خيال الظل"؟ وهو سؤال لازمٌ، طالما أن صانعي الدمى يحتاجون إلى رسم أشكالها، ما يُقرِّب عملَهم بالضرورة من عمل الرسامين والمصوِّرين، فضلاً عن أن بعض الصانعين جعلَ الدمى ملونة كذلك. الدارسة كليفنو لا تدرس التصاوير من هذه الزاوية، بل تكتفي بإشارة، في متن مقالتها، إلى هذه الصلة، إذ تكتب: "هناك نسخة أخرى (لتصوير "مقامات" الحريري، غير التي أنجزها الواسطي)، تعود إلى الربع الثاني من القرن الثالث عشر، وإلى شمال العراق على الأرجح [23]، وتشتمل على صور إيضاحية تتأتى، على الأرجح، من تأثيرات مصدرُها صور الدمى الخاصة بـ"خيال الظل"، والتي كانت منتشرة بقوة في المجتمع العربي في ذلك العهد" [24].

هذا ما يتكرر في صفحة أخرى من الكتاب، ملحقة بمقالتها، في التعليق على مزوقة واردة في المخطوط المصور، الذي تحدثت عنه كليفنو. التعليق يعود لآني فرناي-نوري، وتتحدث فيه، في صورة أوضح، عن الصلة المذكورة، إذ تكتب: "إن تأثير خيال الظل ظاهر: التقاطيع الشكلية (للدمى)، ولا سيما لأبي زيد، تبدو مسقطة إسقاطاً على الورقة، وقابلة للانتزاع من الأرض (التي تقف عليها، والتي لم يتمّْ تحديدها)، كما أن النبتة (في جوار أبي زيد) تبدو موضوعة وضعاً في الفضاء" (م. ن.، ص 136).

ما تقوله الدارسة يستدعي التوقف، والتدقيق، من دون شك، خصوصاً وأن مثل هذه الأقوال تقترح جديداً في التفسير. وهو ما يمكن لأي دارس قبوله، خصوصاً وأن التجاورات هذه طبيعية، قد تتأتى من مصورِ أيِّ مخطوط، أو من أيِّ صانعٍ للدمى (ومن راسمِها في المقام الأول). ويزيد من قيمة هذا الاقتراح كون الممارستَين تندرجان في السياق التاريخي عينه (خصوصاً القرن الثالث عشر)، وربما في البيئة نفسها، أي البيئة العراقية تحديداً.

ما "يبدو" (حسب قول الدارسة)، يمكن أن يبدو لأي ناظر إلى المخطوط المذكور، وهو أن تفاصيل هيئة أبي زيد تبدو قريبة من هيئة الدمى، ولا سيما لجهة وقوع الرسم فوق خلفية بيضاء، ما يجعله "مُسقطاً"، أو مقحماً، أو مزيداً على المخطوط، أي من خارجه. إلا أن هذا الاستنتاج يستند واقعاً إلى ما "يبدو" للعين، من دون استناد إلى ما هو معروف عن الفنَّين، ولا سيما لجهة الصنع الفني في كليهما. فأن ينزل الرسم على خلفية بيضاء، قد لا يكون الدليلَ على "إسقاط" ما، إذ قد يعود الأمر، وببساطة، إلى أن تقاليد التصوير في تلك العهود ما كانت تُخفي كونها ترسم الصور فوق الورق، ما يجعلها تحتفظ بلونه الطبيعي. وهو ما يلحظه الدارس في كثير من تصاوير المخطوطات، وهو لا يُشكِّلُ دليلاً بالتالي على استعمال المصوِّر لأشكال رسوم الدمى فوق الورق المخطوط.

كما يقوى الدارس كذلك على ملاحظة عدة أمور واقعة في بناء مشهد الهيئات الإنسانية، سواء في الدمى أو في المخطوطات المصوَّرة: منها أن الشخوص المصوَّرة تتخذ وضعيات شديدة التبدل بين صورة وأخرى، بين جالسة أو واقفة، أو فوق حصان، أو ممدَّدة على سرير، وغيرها من الوضعيات التي تقوم على "ثَنْي" تفاصيل الجسم المطلوب تصويره... وهو ما لا تلبيه الدمية المصورة من دون شك، التي تحتفظ بشكل ثابت قابل للتحريك الخفيف ليس إلا. إلى هذا، في إمكان الدارس أن يلاحظ أن أحجام الهيئات المصورة في المخطوط تتعدى في بعض الأحيان الأحجام التي تبلغها الدمى، حيث هي ذات مقاسات أكبر في المخطوطات المصورة، منها في الدمى.

ملاحظة أخرى، وهي أن مصور المزوقات قد يعود إلى "مجسَّمات" (الورق المقوى) الدمى، فينقلها فوق الورق، إلا أن هذا لا يغيب كونه يلونها كذلك، ما يقيم تمييزاً بين عمل الرسم (في حال النقل) وبين عمل التلوين (وهو جديد بأي حال في أعمال الصور الكتابية).

مع ذلك، يبدو اقتراح الدارستَين الفرنسيتَين ممكناً في عدد من المخطوطات المصورة، إذ تبدو صور الهيئات فيها قصيرة الحجم، من جهة، عدا أنها تبدو كذلك، من جهة ثانية، في وضعيات "جانبية"، ما يُسهِّل وضعَ الدمية فوق ورق المخطوط، ونقلَ تقاطيع جسمها. وهو ما أمكنني تبينه في مخطوط يمني، أمكنني الاطلاع عليه في صنعاء، ويعود إلى مطالع القرن الثامن عشر، ويتصل بتصوير مقامات الحريري: تبدو فيه صور بعض الشخوص متتابعة ومنفصلة في الوقت عينه، "مُسقطة" فعلاً فوق الورق، عدا أنها قصيرة الحجم... فيما لا نقوى على قول الشيء عينه مع صور الواسطي في "المقامات".

وتبقى الملاحظة الأهم في هذا السياق: لِمَ لا يكون مصور الهيئات هو مصور الدمى أيضاً؟ أليس في إمكان فنان المخطوطات القيام بعمل فن الدمى، وهو صاحب القابليات الفنية المناسبة؟ الجواب إيجابي عن هذا السؤال، على الرغم من أن صُنع الدمى يحتاج إلى عمل مزيد على عمل المصور، وهو إنزال الرسوم في هيئة "ميكانيكية"، أي آلية، إذا جاز القول.

الشراكة ممكنة، على الأرجح، من دون أن تعني بالضرورة استعمال الفنان لهياكل الدمى في أشكال صور المخطوطات. وهي شراكات يتحقق منها الدارس في أكثر من صنيع فني قديم في التجارب الإسلامية، بين الزي والآنية والجدارية وغيرها. وهو ما يتعين في صيغ أو مقترحات، يتكفل بها "المعلِّم" في محترفه، ويطلب تنفيذها من الصناع العاملين معه، أو هي مما يتمُّ تناقله من صيغ فنية، بعد استحسان الحاكم أو المقتني أو المتذوق لها، ما يمكن أن يشكل نمطاً مستَحسناً في فترة حكم، أو في منطقة بعينها، ما يقترب مما يسمى "الأسلوب" في الأزمنة الحديثة.

 

يتحدث ابن الجوزي عن مجالس القصاصين فيكتب: "إنما يستمع من هؤلاء على سبيل الفرجة" [25]؛ وهو جمعٌ بين قول الحكاية وتخيُّلها من قبل سامعيها، فكيف لا يكون هناك جمعٌ بين ما تقوله الحكاية وما يمكن للتصوير أن يقوم به ابتداء منها؟

هذا الجمع يحتاج إلى درس مزيد، بل يحتاج الدرس إلى ما هو أبعد من ذلك، طبقاً لقول ابن الجوزي، وهو أن أي ثقافة لا يمكن أن تعيش من دون صورة، من دون إظهار الهيئات والأشكال، وبقوة الرسم واللون. فالأدب، أياً كن نوعه الأدبي، يحتاج إلى الإظهار، من القصيدة إلى الحكاية، وهو ما يحتاجه أي نمط "إخباري" هو الآخر، إذ يتطلب تعيينات تخص المكان والزمان والشخص وغيرها.

 

(محاضرة في 19 من تشرين الأول-أكتوبر من سنة 2015، في "مركز اليرموك" بمدينة الكويت بدعوة من "دار الآثار الإسلامية" في موسمها الثقافي).

 

 

 

 

[1] أدخلَها من الفارسية، حسبما يعتقد البعض، وتعني أساساً: "لاعب الملك"؟

[2] أبو منصور الثعالبي: "ثمار القلوب في المضاف والمنسوب"، تحقيق : محمد أبو الفضل ابراهيم، دار المعارف، القاهرة، ص 250.

[3] "إخوان الصفاء وخلان الوفاء" : "الرسائل"، (4 مجلدات)، دار صادر، بيروت، د. ت. ص 1، 290.

[4] ابن كثير : "تفسير القرآن العظيم"، مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت، طبعة خامسة، 1997، ج 1، ص 139.

[5] أبو عساكر : "تاريخ مدينة دمشق"، دراسة وتحقيق : محب الدين أبي سعيد عمر بن غرامة العمروي، بيروت، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 1995، ج 49، ص 483.

[6] البخاري : كتاب الطب، باب السحر، الحديث رقم 5763.

[7] أبو حامد الغزالي : "إحياء علوم الدين"، دار المعرفة، بيروت، مجلد 4، ص 98.

[8] ابن كثير : م. س.، ج 1، ص 544، في تفسير سورة البقرة.

[9] أكتفي بذكر بعضها وحسب : ابن أياس : "بدائع الزهور في وقائع الدهور"، تحقيق: محمد مصطفى، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة؛ وشوقي ضيف : "الفكاهة في مصر"، القاهرة، 1985؛ ولطفي أحمد نصار : "وسائل الترفيه في عصر سلاطين المماليك"، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1999، وعبد الحميد يونس : "مسرح خيال الظل" وغيرها.

[10] Paul Pelliot : « Des artistes chinois à la capitale abbasside en 750-762 », T’oung Pao, 1928, N 26, pp. 110-112.

[11]  الجاحظ : "مناقب الترك"، في: "رسائل الجاحظ" (مجلدان)، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1964، صص 50-86، الشاهد: ص 69.

[12] يحتفظ القسم الإسلامي في متحف برلين بدمية من العصر المملوكي، وهي مما استُعمل في عروض ابن دانيال، حسب بعض الدارسين (لطفي أحمد نصار، م. س.، ص 340).

[13] Francesca Maria Corrao : « Quelques observations en marge des recherches sur la littérature ‘populaire‘ arabe », in : « Proceedings of the 17th congress of the UEAI », Thesa, St. Petersburg, 1997, pp. 46-61.

وللدارسة الإيطالية أكثر من بحث في هذا المنحى الدراسي، منها:

Francesca Maria Corrao : « Women stories in the mamluk age : loves and struggles to survive”, “Proceedings of the Arabic and Islamic sections of the 35th international congress of asian and north African studies” (ICANAS), Part 2, Budapest, 1997, PP. 101-110.

Francesca Maria Corrao : Ibn Danial’s shadow plays, an example of cultural tolerance in the early mamluk age”, in: “Proceedings of the colloquim on logos, ethics, mythos in the middle east and north Africa (L E M)”, part 2, Budapest, 1995, PP. 13-28. 

[14] لطفي أحمد نصار : "وسائل الترفيه في عصر سلاطين المماليك في مصر"، الهيئة المصرية العامة للكتاب، فرع الصحافة، القاهرة، 1999، ويخصص الفصل الثالث من كتابه لخيال الظل: صص 332-363.

[15] حسين سليم حجازي : "خيال الظل وأصل المسرح العربي"، وزارة الثقافة السورية، دمشق، 1994.

[16] يتضمن كتاب فاروق سعد : "خيال الظل العربي" (شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت، 1993) أوسع مادة عما ورد عن "خيال الظل" قي المتون العربية القديمة وصولاً إلى العصر الحديث: راجع خصوصاً: صص 279-324.

[17] يمكن العودة إلى كتاب سعد المذكور أعلاه للوقوف على "شخوص" خيال الظل: راجع خصوصاً: صص 373-412.

[18] استقيت هذا الشاهد وغيره من كتاب جامع لعدد واسع من رحلات المستشرقين في القرن التاسع عشر:

« Le voyage en Orient » (anthologie des voyageurs français dans le Levant au 19 siècle), (dir : Jean-Claude Berchet), Robert Laffont, Paris, 1985, p 501.

 

[19] Fundacao Oriente : Asian shadows, Lisbon 2014.

[20] هذا ما قمتُ به في الشهر الأول من سنة 2015، ووجدت أن مقتنيات "المؤسسة" تفتقر خصوصاً إلى المواد المصرية في هذا الفن، وهي مواد تعرف شيئاً من الجمع لها في مصر نفسها، فضلاً عن بعض مقتنيات منها في برلين نفسها.

[21] يمكن العودة إلى كتابي: "مذاهب الحُسن..."، الذي عالجَ بتوسع هذه المسألة: م. س.، صص 442-452.

[22] ما وصلنا عن هذا الكتاب هو النسخة التي عمل عليها ابن الصوفي، ونفذها في العام 1009.

[23] المخطوط محفوظ في "مكتبة فرنسا الوطنية"، تحت الرقم (arabe 3929).

[24] يمكن العودة إليها في:

« L’art du livre arabe, du manuscrit au livre d’artiste », Bibliothèque nationale de France, Paris, 2001, p 114.

 

[25] ابن الجوزي : "كتاب القُصاص والمذكِّرين"، قدم له وحققه وعلق عليه : محمد بن لطفي الصباغ، المكتب الإسلامي، بيروت، طبعة ثانية، 1989، ص 185.